قول جعل الكلام حقيقة فى المعنى مجازًا فى العبارة. وقول عكس ذلك. وقول جعله مشتركًا بينهما. وهذه الأقوال الثلاثة منقولة عن أبى الحسن الأشعرى. والصحيح من هذه الأقوال أن الكلام حقيقة فى العبارة وليس مشتركًا بين العبارة والمعنى النفسى، والمعلوم من اللغة والقرآن أن الكلام اسم وفعل وحرف، وكلام اللَّه هو الذى نقرؤه بألفاظه ومعانيه، وقد صرح تعالى بذلك فى قوله: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}. وقوله: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ}. . الآية. واتفق الفقهاء على أن من حلف لا يتكلم لا يحنث بحديث النفس ويحنث إذا تكلم بلسانه، وإِذا أطلق الكلام فى بعض الأحيان على حديث النفس فلابد أن يقيد بما يدل على ذلك كقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فى أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ}. . . الآية. فلو لم يقيد بقوله: {فى أَنْفُسِهِمْ} لانصرف إلى الكلام باللسان. ومثله قول عمر -رضى اللَّه عنه- يوم السقيفة: زورت فى نفسى كلامًا. وانظر هذه الأقوال وأدلتها فى الكتب الآتية: المستصفى ١/ ٦٤، مذكرة الشيخ -رحمه اللَّه- ص ١٨٨، روضة الناظر ص ٩٨، فواتح الرحموت ٢/ ٦، المحصول ١/ ٢٣٥، شرح التنقيح ص ١٢٦، التمهيد للأسنوى ص ١٣٥، شرح الكوكب ٢/ ٩ فما بعدها، غاية المرام للآمدى ص ٩٦ فما بعدها، وشرح الطحاوية ص ١٩٧ فما بعدها. (٢) هو على بن إسماعيل الأشعرى. يرجع نسبه إلى أبى موسى الأشعرى صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم- كان بارعًا فى علمى الكلام والجدل على طريقة أهل الاعتزال حتى صار من رؤسائهم، وكان قوى الحجة مما كان له الأثر فى رجوعه عن الاعتزال، وقد خطب فى ذلك خطبته المشهورة فى الجامع بالبصرة التى أعلن فيها رجوعه إلى الحق. وقيل إنه شافعى، كما قيل إنه مالكى، والظاهر أنه كان مستقلًا فى فهم النصوص واستنباط الأحكام منها، وهو زعيم المذهب الأشعرى وإن كان قد رجع عنه فى =