للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَضَلُّ سَبِيلًا (١) فاعلم أنّ العيوب التي يمتنع أن يبنى منها أفعل التفضيل إنّما هي العيوب الظاهرة خاصّة، لا الباطنة، فقوله: أعمى، هو من عمى القلب والبصيرة لا البصر، ألا ترى أنّهم يقولون: زيد أجهل من عمرو، لكونه من العيوب الباطنة، وإنّما جاز بناؤه من العيوب الباطنة لكونها تقبل الزيادة والنّقص (٢) فأمكن بناؤه منها بخلاف العيوب الظّاهرة، فإنّها لا تقبل ذلك، قال الخليل (٣) الألوان والعيوب الظاهرة تجري مجرى الخلق الثابتة كاليد والرجل، وكذلك الحلي نحو: أقنى الأنف (٤) وأبلج (٥) فلم تقبل الزيادة والنقصان، وأفعل التفضيل لا يبنى إلّا ممّا يقبلهما، قال ابن الحاجب: (٦) إنّ اللون والعيب إن لم يكن لهما أفعل لغير التفضيل، جاز أن يبنى منهما أفعل التفضيل، وأمّا استعمال أحمق للتفضيل في قولهم: أحمق من رجلة (٧) مع وجود أحمق لغيره في قولهم: رجل أحمق، فإنّه ليس من العيوب الظاهرة، قال سيبويه: (٨) ما أحمقه بمعنى ما أجهله/.

ذكر كيفية استعماله من الزائد على الثلاثيّ ومن الألوان والعيوب (٩)

إذا قصد بناء أفعل التفضيل من الزائد على الثلاثي أو من الألوان والعيوب الظاهرة، توصّل إلى بنائه من فعل ثلاثيّ يصحّ بناؤه منه كأشدّ وأسرع ونحوهما، ثم يؤتى بمصادر تلك الأفعال فتنصب على التمييز، فيقال: زيد أشدّ من عمرو استخراجا


(١) الآية ٧٢ من سورة الإسراء.
(٢) شرح الكافية، ٢/ ٢١٣.
(٣) الكتاب، ٤/ ٩٨.
(٤) أي مرتفع الأنف، اللسان، قنا.
(٥) الأبلج هو الذي قد وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا. اللسان، بلج.
(٦) إيضاح المفصل، ١/ ٦٥٣.
(٧) انظر المثل في كتاب الأمثال لأبي عبيد ٣٦٦ ومجمع الأمثال ١/ ٢٣٥ وفي اللسان، رجل: ومن كلامهم هو أحمق من رجلة يعنون هذه البقلة وذلك لأنها تنبت على طرق الناس فتداس وفي المسايل فيقلعها ماء السيل، والجمع رجل.
(٨) قال في الكتاب، ٤/ ٩٨: وأما قولهم في الأحمق ما أحمقه ... فإن هذا عندهم من العلم ونقصان العقل والفطنة.
(٩) الكافية، ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>