للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمعة، وقد ظهر - ممّا قلنا - أنّ أصل المنصوب أن يكون بعد الفاء وقدّم على عامله ليكون عوضا عن الفعل المحذوف (١).

وبعضهم منع أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها كما هو مذهب البصريين (٢) وذهبوا إلى أنّ العامل في الاسم الذي بعد أمّا إنّما هو الفعل المحذوف المقدّر بعد أمّا، فإذا قلت: أمّا يوم الجمعة فزيد منطلق، كأنك قلت: مهما تذكر يوم الجمعة فزيد منطلق، ومهما تذكر اليتيم فلا تقهر، ومهما تذكر السائل فلا تنهر.

وقال قوم: (٣) إن جاز تقديم الاسم المنصوب بعد أمّا على جواب أمّا نحو: أمّا يوم الجمعة فزيد منطلق، فهو معمول بما في حيّز الفاء، لأنّ يوم الجمعة يجوز أن يكون ظرفا لمنطلق ومتقدّما عليه، وإن لم يجز تقديمه نحو: أمّا زيدا فإني مكرم، فالعامل فيه الفعل المحذوف المقدّر أعني: مهما تذكر زيدا فإني مكرمه، لامتناع أن يعمل ما بعد إن فيما قبلها (٤).

ذكر حرف الرّدع (٥)

وهو كلّا، لأنّه وضع للرّدع والتنبيه على الحقّ، وإنّما يستعمل إذا سمع محال أو تقوّل على إنسان، كما إذا قيل: فلان يشتمك فتقول: كلّا، أي: ارتدع عن هذا، وقد جاء كلّا بمعنى حقّا نحو قوله تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أي حقّا، وإذا وقفت على التي بمعنى الردع كان مستقيما (٧)، وكلّا التي بمعنى حقّا، اسم عند بعضهم، لكنّه بني لموافقته كلّا التي بمعنى الرّدع في اللفظ (٨).


(١) وهو مذهب المبرد وابن الحاجب، جواهر الأدب، ٥١٧.
(٢) شرح الكافية، ٢/ ٣٩٦.
(٣) قال الإربلي ٥١٧ «وهو مذهب من رأى التفصيل وقال: وهو الصواب».
(٤) انظر إيضاح المفصل، ٢/ ٢٦٢ والهمع، ٢/ ٦٨.
(٥) الكافية، ٤٢٨.
(٦) من الآية ٦ من سورة العلق.
(٧) شرح الوافية، ٤٢٠.
(٨) في شرح الكافية، ٢/ ٤٠١ «وإذا كانت بمعنى حقّا جاز أن يقال إنها اسم» وفي الهمع، ٢/ ٧٤ وزعمها مكي اسما حينئذ كمرادفها ... وغيره قال: اشتراك اللفظ بين الاسمية والحرفية قليل ومخالف للأصل ومحوج لتكلف دعوى علة لبنائها ...».

<<  <  ج: ص:  >  >>