للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا أمّا الشرطية (١) فحرف شرط ولذلك لزمتها الفاء، وتستعمل لتفصيل أمور في نفس المتكلّم، إلّا أنهم لم يلتزموا ذكر المتعدد بل قد يذكر الجميع نحو قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (٢) وقد يذكر واحد ويترك غيره نحو قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ (٣) ولم يذكر بعدها أمّا أخرى، لكونه معلوما من الأوّل (٤) ومن ذلك قول القائل: أمّا أنا فقد فعلت كذا، ويسكت، وكان الواجب في «أما» أن يليها الفعل لكونها حرف شرط لكن التزموا حذف الفعل معها وجعلوا الواقع بعدها عوضا من الفعل المحذوف نحو: أمّا زيد فمنطلق، فزيد قد وقع قبل الفاء وبعد أمّا، ليكون عوضا من الفعل المحذوف، لأنّ الاسم الواقع، بعد أمّا هو المقصود دون الفعل وأصله أن يكون/ بعد الفاء، لأنّ معناه، مهما يكن من شيء فزيد منطلق، فوقعت أمّا موقع مهما، وزيد موضع الفعل المحذوف، أعني «يكن» فصار أما زيد فمنطلق، وحينئذ، إمّا أن يكون الاسم الذي بعد أمّا مرفوعا أو منصوبا، فإن كان مرفوعا فهو مبتدأ خبره ما بعد الفاء نحو: أمّا زيد فمنطلق، وإن كان منصوبا نحو: أمّا زيدا فأنا مكرم، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (٥) فالأصحّ أنّ العامل فيه ما بعد الفاء لاقتضاء ما بعد الفاء إياه، ولأنّه قدّم على عامله ليكون عوضا عن الفعل المحذوف، لأنّ التقدير: إن أردت بيان من تعلّق به إكرامي فأنا مكرم زيدا، وإن أردت بيان من تعلّق به النهي عن القهر مني، والنهي عن النهر مني؛ فلا تقهر اليتيم ولا تنهر السائل (٦)، وكذا إذا كان المنصوب الذي بعد أما ظرفا نحو: أمّا يوم الجمعة فزيد منطلق، فيوم

الجمعة معمول لمنطلق، لأنّ التقدير إن أردت بيان زمان وقع فيه انطلاق زيد فزيد منطلق يوم


(١) الكافية، ٤٢٨.
(٢) الآيات ٩ - ١٠ - ١١ من سورة الضحى.
(٣) من الآية ٧ من سورة آل عمران.
(٤) مراده من ذلك أن قوله تعالى بعد: «والراسخون في العلم» على معنى: وأما الراسخون في العلم، ولم تذكر أما لكونها معلومة من سياق ما سبق. انظر إيضاح المفصل، ٢/ ٢٦٠ - ٢٦٢ وشرح الكافية، ٢/ ٣٩٤.
(٥) من الآية ١٠ من سورة الضحى.
(٦) شرح الوافية، ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>