للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاشا وعدا وخلا.

أما من (١) فتكون للتبعيض وللبيان وللابتداء فالتي للتبعيض هي التي يحسن مكانها بعض نحو: أخذت من الدّراهم، والتي للتبيين، هي التي يحسن مكانها الذي نحو قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ (٢) أي الرجس الذي هو وثن (٣) والتي للابتداء تعرف بأن يحسن في مقابلتها إلى، إمّا لفظا أو تقديرا نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة، وزيد أفضل من عمرو، فإنّ معناه أنّ ابتداء فضله كان متراقيا في الزيادة من عمرو (٤) وأما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فابتداء الاستعاذة كان من الشيطان مع قطع النّظر عن الانتهاء، لأنّه لا يتعلّق به غرض، وكذلك أخاف من عقاب الله فإنّ ابتداء الخوف من العقاب لا يقبل الانتهاء، والبصريون يخصّصونها بأنّها للابتداء في غير الزّمان (٥)، والكوفيون يعمّمونها في الزمان وغيره، ويستدلّون بقوله تعالى: مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ (٦) فقد دخلت على الزمان وتأولها البصريون بمعنى من تأسيس أول يوم (٧) وتقع من زائدة وتعرف بأنّك لو حذفتها لكان المعنى الأصلي على حاله ولا يفوت بحذفها سوى التأكيد، كقولك: ما جاءني من أحد (٨) وهي مختصّة عند البصريين بغير الموجب، وجوّز الكوفيون والأخفش زيادتها في الموجب أيضا (٩) واستشهدوا/ بقولهم «قد كان من مطر» وتأويله قد كان شيء من مطر، فيكون


(١) الكافية، ٤٢٣.
(٢) من الآية ٣٠ من سورة الحج.
(٣) شرح الوافية، ٣٨١ وإيضاح المفصل، ٢/ ١٤٢ وفي المغني، ١/ ٣١٩ أنكر وقوعها قوم، قال: وهذا تكلف.
(٤) هذا رأي سيبويه والمبرد في من الواقعة بعد أفعل التفضيل، الكتاب، ٤/ ٢٢٥ والمقتضب، ١/ ٤٤ - ٤٥ وانظر بقية الآراء في معاني الحروف، للرماني ٩٧ والمغني، ١/ ٣٢١ وشرح الأشموني، ٣/ ٤٥.
(٥) في الكتاب، ٤/ ٢٢٤ «وأما من فتكون لابتداء الغاية في الأماكن».
(٦) من الآية ١٠٨ من سورة التوبة.
(٧) اقتصر أبو الفداء على إيراد دليل واحد، وثمة أدلة أخرى انظرها في الإنصاف، ١/ ٣٧٠ وشرح الكافية، ٢/ ٣٢٠ ورصف المباني، ٣٢٢ والمغني، ١/ ٣١٨.
(٨) في الكتاب، ٤/ ٢٢٥ «ولو أخرجت من كان الكلام حسنا ولكنه آكد بمن».
(٩) بشرط تنكير مجرورها فقط، ونسب إلى الأخفش والكسائي وهشام جواز زيادتها بلا شرط، شرح التصريح، ٢/ ٨ - ٩، وانظر شروط زيادتها في المغني، ١/ ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>