للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا واو القسم وتاؤه (١) فيتوقّفان على معرفة القسم، وهو مصدر أقسمت، والقسم في العرف اليمين، والأفعال الموضوعة للقسم: أقسمت وحلفت وآليت وقد أجري مجراها: علم الله، ويعلم الله، وهو خبر في اللفظ، إنشاء في المعنى، بمنزلة قولك: بعت واشتريت وطلّقت ونحوها، ولا يتمّ القسم إلّا بجملتين أولى وثانية، الأولى نحو: حلفت بالله، والثانية نحو: لقد قام زيد، أو لتقومنّ، ولكلّ واحدة منهما أحكام تخصّها:

منها أنّ الأولى لا تكون إلّا إنشائيّة بخلاف الثانية فإنّها تكون خبريّة وطلبيّة، والأولى لا تكون إلّا مؤكّدة للثانية، والثانية مؤكّدة بالأولى، والأولى هي القسم بالحقيقة لأنّها تشتمل على الاسم الذي يلصق به القسم ليعظم به ويفخّم وهو المقسم به كاسم الله في حلفت بالله، والثانية هي المقسم عليها، وإذا كانت الثانية خبريّة فهو القسم لغير الاستعطاف نحو: حلفت بالله لقد قام زيد، وإذا كانت طلبيّة فهو القسم للاستعطاف نحو: حلفت بالله لتقومنّ، ولكثرة القسم في كلامهم أكثروا التصرّف فيه على وجوه من التخفيف:

منها أنّهم حذفوا الفعل وحرف القسم كما سنذكر، وحذفوا الخبر من الجملة الأولى وهو قسمي في قولك: لعمري ولعمر أبيك، ولعمر الله ويمين الله وايمن الله وايم الله وأمانة الله وعمر بفتح العين وضمّها بمعنى، ولكنّ المستعمل في القسم المفتوح العين، ومعنى لعمر الله، الحلف ببقاء الله ودوامه، وإذا قلت: لعمرك الله فكأنّك قلت: بتعميرك الله أي بإقرارك له بالبقاء، وأمّا ايمن الله فاسم مفرد عند البصريين موضوع للقسم مأخوذ من اليمين والبركة كأنهم أقسموا بيمين الله، وهمزته همزة وصل مفتوحة (٢) وتدخل عليه لام الابتداء كما تدخل في قولك: لعمرك وذهب الكوفيون: إلى (٣) أن أيمن جمع يمين وهمزته همزة قطع وإنما سقطت في الوصل


(١) الكافية، ٤٢٣ - ٤٢٤ وانظر إيضاح المفصل، ٢/ ١٥٥ وشرح الوافية، ٣٨٣ وما ذكره أبو الفداء بعد من أحكام القسم منقول بجملته من شرح المفصل، ٩/ ٩٠ - ٩١.
(٢) هذا مذهب سيبويه، ٤/ ٥٠٣ والمسألة خلافية انظر الإنصاف، ١/ ٤٠٤ وشرح المفصل، ٩/ ٩٢، وقد حكى يونس كسرها أيضا.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>