للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أستغفر الله ذنبا لست محصيه ... ...

أي من ذنب، ودخلت الدار أي في الدار، وكقول الشّاعر: (١)

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

أي أمرتك بالخير، وكقولك: كلت زيدا، ووزنت زيدا، أي كلت لزيد الطعام، ووزنت لزيد الدراهم، فحذفوا حرف الجرّ، وحذفوا أيضا الطعام والدراهم، لأنّ معناه: كلت الطعام ووزنت الدراهم لزيد (٢) وإذا حذفت حروف الجرّ وجب النصب لأنه مفعول، فلا وجه إلا النصب، ويحذف حرف الجرّ مع أنّ المفتوحة المشددة وأن المفتوحة المخففة كثيرا مستمرا والمراد بالمفتوحة/ المخففة الناصبة للفعل لا المخففة من الثقيلة، ولا المفسرة نحو: عجبت أنك قائم وجئت أنّك أكرمتني أي من أنك ولأنّك (٣) وكقوله تعالى: يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٤) أي وبأن تقولوا، ومثل ذلك كثير في الكتاب العزيز وغيره، وجميع ذلك إمّا منصوب أو في موضع النصب.

فإن قيل: إذا كان الفعل لا يتعدّى إلّا بحرف الجرّ فكيف تعدّى بعد حذفه فنصب المفعول؟ فالجواب: أنّ الفعل إذا تعدّى بحرف الجرّ وكثر استعماله وصار ذلك معلوما حذف اختصارا حين علم أنّ أصل الكلام كذلك كما حذفوا أشياء كثيرة من الكلام لحصول العلم بها تخفيفا، كحذف المبتدأ والخبر ونحوهما، وهذا هو المسمّى بالمنصوب بنزع الخافض وقد يزاد حرف الجرّ مع الفعل المتعدّي تأكيدا


- ٨/ ٥١ وشرح الشواهد، ٢/ ١٩٤، وشرح التصريح، ١/ ٣٩٤ وهمع الهوامع، ٢/ ٨٢ وشرح الأشموني، ٢/ ١٩٤.
(١) البيت اختلف حول قائله، ورد منسوبا لعمرو بن معد يكرب في الكتاب، ١/ ٣٧. وأمالي ابن الشجري، ١/ ١٦٥ - ٢/ ٢٤٠ والحلل، ٣٤ ومغني
اللبيب، ١/ ٣١٥ وذكر البطيلوسي في الحلل، ٣٤ أن البحري نسبه في نوادره لأعشى طرود. وورد البيت من غير نسبة في المقتضب، ٢/ ٣٥ - ٣٢٠ والمحتسب، ١/ ٥١ وشرح المفصل، ٢/ ٤٤ - ٨/ ٥٠ وهمع الهوامع، ٢/ ٨٢. النشب: الأشياء الثابتة التي لا براح لها كالدور والضياع.
(٢) قوله لزيد كرر في الأصل.
(٣) إيضاح المفصل، ٢/ ١٦٠ والنقل منه مع اختلاف يسير.
(٤) من الآية ١٦٩ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>