للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوهنا بمعنى الواو بدليل قوله: لا بدّ منهما (١) وتقع أو في النهي كقوله تعالى وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢) أي لا تطع واحدا منهما، فيكون معناها النهي عنهما معا (٣) والفرق بين أو وإمّا أن كلامك مع «أو» من أوله مبنيّ على صورة اليقين ثمّ يعترضه الشكّ نحو جاءني زيد أو عمرو وكلامك مع إمّا من أوله مبنيّ على الشّكّ لأنّه لا بد من تقدّم إمّا قبل المعطوف عليه تقول: جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو (٤) وأمّا أم فتكون متصلة ومنقطعة فالمتصلة تختصّ بالاستفهام فلا تستعمل في غيره ويلزم أن تستعمل مع همزة الاستفهام، والأفصح أن يقع أحد الأمرين بعد الهمزة والآخر بعد أم نحو: أرجل في الدار أم امرأة، ليتضح للمسؤول من أول الأمر المسؤول عن تعيينه، ولا يحسن أن يفصل بين الهمزة وبين المسؤول عن تعيينه نحو: أفي الدار رجل أم امرأة، ومن أجل أنّ أم المتصلة يليها أحد المستويين ويلي المستوى الآخر الهمزة ضعف أو امتنع أن يقال: أرأيت زيدا أم عمرا لكون ما يليهما مختلفا؛ لأنّ ما يلي الهمزة فعل وما يلي أم اسم، وذهب بعضهم إلى أنّ ذلك ليس يمتنع ولا ضعيف (٥) وإنّ سيبويه نصّ على جوازه وحسّنه (٦) ومنه قول الشاعر (٧).

ليت شعري نعمى أتهوين من يه ... واك أم من رضيته بالشّباب

فأوقع بعد الهمزة فعلا وهو تهوين وبعد أم اسما وهو من ويجب أن يكون جواب قولك: أرجل في الدار أم امرأة، تعيين لأحدهما لا، لا، ولا، نعم (٨) لأنّ السائل عالم أنّ أحدهما في الدار لكن لا على التعيين بخلاف أو في قولك: أرجل في الدار أو امرأة فإنّ المتكلم متردد هل في الدار أحد أم لا، فجوابه نعم أو لا، ولو


(١) قال المروزوقي في شرحه على الحماسة، ١/ ٤٦ وقوله: لا بدّ منهما أراد لا بدّ منهما على طريق التعاقب لا على طريق الجمع بينهما وإلّا سقط التخيير الذي أفاده أو من قوله: أو سلاسل.
(٢) من الآية ٢٤ من سورة الإنسان.
(٣) شرح الوافية، ٤٠٠.
(٤) شرح الوافية، ٤٠٠ والنقل منه.
(٥) المغني، ١/ ٤١.
(٦) في الكتاب، ٣/ ١٧٠ «ولو قلت: ألقيت زيدا أم عمرا كان جائزا حسنا».
(٧) لم أهتد إلى قائله، ولم أر أحدا رواه.
(٨) شرح الوافية، ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>