"حتى تقومَ الساعة"، قيل: لعل المراد به: زمان نزول عيسى - عليه السلام - وظهور الإسلام، ووقوع العدل والأمن بين الناس يومَئذٍ، فلا يُركب المُهر إلى يوم القيامة؛ لعدم احتياج الناس في ذلك الزمان إلى محاربة بعضهم بعضاً، وقيل: المراد: أن بعد خروج الدجال لا يكون زمان طويل حتى تقومَ الساعة؛ أي: أنه يكون حينئذ قيام القيامة قريباً قَدْرَ زمان إنتاج المُهر وإركابه.
"وفي رواية: هُدنة على دَخَن، وجماعةٌ على أقذاء، قلت: يا رسولَ الله! الهُدنة على الدَّخَن ما هي؟ قال: لا ترجع قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه"؛ أي: لا تكون قلوبُهم صافيةً عن الحقد والبغض كما كانت صافيةً قبل ذلك.
"قلت: بعدَ هذا الخير شرٌّ؟ قال: فتنة عمياء"؛ أي: يَعمَى فيها الإنسانُ عن أن يرى الحقَّ.
"صمَّاء"؛ أي: ويصمُّ عن أن يَسمعَ فيها النصيحةَ والهُدى، بل يتحاربون لا عن بصيرة بل جهلاً وعداوةً، كما أن الأعمى لا يدري أين يذهب؛ فكذا أولئك لا يدرون بأي سببِ يقاتلون؟
وقيل: الفتنة التي لا سبيلَ إلى تسكينها؛ لتناهيها شدةً ودهاءً.
"عليها دعاةٌ على أبواب النار، فإن تَمُتْ يا حذيفةُ وأنت عاضٌّ على جذلٍ خيرٌ لك من أن تتبعَ أحداً منهم".
* * *
٤١٥٨ - عن أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قالَ: كنتُ رَديفاً خَلْفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً على حِمارٍ، فلمَّا جاوَزنا بُيوتَ المَدينةِ قال:"كيفَ بكَ يا أبا ذَرٍّ إذا كانَ في المدينةِ جُوْعٌ تقومُ عنْ فِراشِكَ فلا تبلُغُ مَسْجدَكَ حتَّى يُجْهِدَكَ الجُوعُ؟ " قالَ: قلتُ: الله ورسولُهُ أعلمُ، قالَ:"تعفَّفْ يا أبا ذرٍّ"، ثمَّ قالَ:"كيفَ بكَ يا أبا ذرٍّ إذا كانَ بالمَدينةِ مَوْتٌ يبلُغُ البَيْتُ العبدَ حتَّى أنَّه يُباعُ القَبْرُ بالعبدِ؟ " قالَ: قلتُ: الله