للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"عن علقمة - رضي الله عنه - قال: قدمت الشام فصليت"؛ أي: بمسجد دمشق "ركعتين، ثم قلت: اللهم يسِّر لي جليسًا صالحًا، فأتيت قومًا فجلست إليهم، فإذا شيخٌ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت: مَنْ هذا؟ قالوا: أبو الدرداء، قلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليسًا صالحًا فيسَّرك لي، فقال: مَنْ أنت": قيل: صوابه: من أين أنت، بدليل قوله: "قلت: من أهل الكوفة"، ولعل لفظة (أين) سقطت من القلم، أو من بعض الرواة، أو صحف (أين) بـ (أنت)، و (من) الجارَّة بالاستفهامية.

"قال: أوليس عندكم ابن أم عبدٍ صاحب النعلين والوسادة والمطهرة": يريد: أنه خَصَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بأخذ نعليه إذا جلس، وبوضعها إذا نهض وتسوية المضجع، ووضع الوسادة إذا أحب النوم، وبحمل المطهرة إذا أراد الوضوء.

قيل: فيه دليل على جواز أن يستخدم الرجل أحدًا في هذه الأشياء الثلاثة، أو غيرها قياسًا عليها، وسِرُّ هذا الاستخدام أنه استفاد من كل خدمةٍ نوعًا من العلوم من آداب تلك الخدمة فرضها وسنتها وغير ذلك، وكان في ذلك إشارة إلى آداب التصوف التي هي آدابٌ مرضيةٌ لهذه الطائفة، ويحتمل أن يريد: أن هذه الأشياء التي كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خص بها ابن مسعود بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.

"وفيكم الذي أجاره الله"؛ أي: أنقذه "من الشيطان على لسان نبيه"؛ يعني: عمارًا، "أو ليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه"؛ أي: ذلك السر "غيره؛ يعني: حذيفة": سماه صاحب السر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرَّفه أسماء المنافقين ليلة العقبة مرجعَه من غزوة تبوك، وكان الصحابة يراجعون حذيفة في أمر المنافقين، وقد ذكر أنهم أربعة عشر فتاب منهم اثنان، ومات اثنا عشر على النفاق.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>