للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تعددت الروايات في كيفية صلاة الخوف في هذه الحالة، لأن الرواة إذا اختلفوا في قصة جعلوا ذلك وجها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) واختلف الفقهاء في تعداد أنواع الصلاة الخوف تبعا لتعدد الروايات، فقد أوصلها بعضهم إلى ستة عشر صفة (٢) وقد صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفات مختلفة وإن كانت متفقة في المعنى، وذلك للمحافظة على الصلاة، والاحتياط من كيد العدو.

جاء في معالم السنن: (صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة يتوخى من كل ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة، وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني) (٣) .

وقال الإمام أحمد رحمه الله: (كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال: ستة أوجه أو سبعة يروى فيها كلها جائزة) (٤) .

والذي يظهر أن هذه الصور في صلاة الخوف غير الشديد التي جاءت بها الروايات الصحيحة جاءت مراعية للأحوال التي يكون عليها العدو، فمرة يكون العدو في جهة القبلة، ومرة يكون إلى غير جهة القبلة، ومرة يكون الحذر منهم أشد، إلى غير ذلك من الأحوال.

وقد رأيت أن أجعل صلاة الخوف غير الشديد في أربعة أوجه لتستوعب الروايات التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف وذلك على النحو الآتي:

الوجه الأول: الصلاة بالمجاهدين جميعا.

وقد ورد في هذا الوجه ثلاث صفات:


(١) شرح الزرقاني لموطأ الإمام مالك (١/٥٢١)
(٢) حاشية ابن عابدين (٣/٧٤) والتمهيد (١٥/٢٦٩) وعارضة الأحوذي (٣/٣٧) وشرح صحيح مسلم للنووي (٦/٣٧٢) والمبدع (٢/١٢٦) وكشاف القناع (١/٤٩٣) .
(٣) معالم السنن للخطابي (١/٢٣٣) .
(٤) المغنى (٣/٣١١) وكشاف القناع (١/٤٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>