للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الحادي عشر

استسلام المجاهد للأسر

ذهب الفقهاء (١) رحمهم الله تعالى إلى أن الأولى للمجاهد عدم الاستسلام للأسر حتى يفوز بالشهادة، ويحصل له الثواب العظيم، والدرجة الرفيعة، ويسلم من تحكم الكفار عليه بالتعذيب وفتنتهم له، فإن فعل واستسلم للأسر جاز له ذلك (٢) .

والأصل في هذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية (٣) عينا (٤) وأمر عليهم عاصم بن ثابت (٥) فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان (٦) فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصوا آثارهم، حتى أتوا منزلا نزلوه، فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة فقالوا: هذا تمر يثرب فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما انتهى عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد (٧) وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا فقال عاصم: أما أنا


(١) الذخيرة (٣/٤١٠) ومعالم السنن للخاطبي (٢/٢٤٠) وعون المعبود (٧/٢٣٠) والمغني (١٣/١٨٨) والإنصاف (٤/٢٥) والسراج الوهاج ص ٥٤٢.
(٢) المغنى (١٣/١٨٨) .
(٣) السرية: طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة. انظر: لسان العرب (١٤/٣٨٣) مادة (سرا) .
(٤) العين: الذي يبعث ليتجسس الخبر. انظر: لسان العرب (١٣/٣٠١) مادة عين.
(٥) هو: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، واسم أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النعمان، الأنصاري الأوسي، من السابقين إلى الإسلام شهد بدرا. انظر: الإصابة (٣/٤٦٠) ت رقم (٤٣٦٥) وأسد الغابة (٢/٧) ت رقم (٢٦٦٣) .
(٦) بنو لحيان: بكسر اللام وفتحها وهم بنو هذيل بن مدركة بن إلياس لهم مياه وأماكن في جهات نجد وتهامة، وبين مكة والمدينة وهم أهل بأس وشدة، انظر: قلائد الجمان للقلقشندي ص ١٣٣.
(٧) فدفد: الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع. انظر: النهاية في غريب الحديث (٣/٣٧٧) وفتح الباري لابن حجر (٧/٤٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>