للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحديد المدة التي يقصر فيها المجاهد بثمانية عشر أو سبعة عشر يوما أو غير ذلك، لا يستقيم في حق المجاهد، لأن الحرب لا يعلم متى تنتهي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مكث في مكة تسعة عشر يوما مدة الفتح، ولو احتاج إلى أكثر من ذلك لبقي يقصر الصلاة، كما هو الحال في تبوك بقي عشرين يوما يقصر الصلاة.

وعلى ما تقدم يتضح رجحان ما ذهب إليه الجمهور أن المجاهد إذا لم ينو الإقامة مدة معينة كان له الأخذ برخص السفر ومن ذلك قصر الصلاة وإن طالت مدة إقامته.

إذا تقرر هذا. فإن المجاهدين على السفن الحربية الثابتة في البحر إذا لم ينووا الإقامة مدة معينة، وكانوا في حال قتال وخوف، أن لهم أن يقصروا الصلاة وإن طالت مدة إقامتهم، ويترخصوا برخص السفر الأخرى، والله أعلم.

الفرع الثالث

قصر الصلاة في السفن الحربية المتحركة في البحر

إذا كانت السفن الحربية المتحركة في البحر تقطع مسافة السفر الذي يجوز عندها الأخذ برخص السفر على ما سبق ترجيحه في مقدار المسافة التي يقصر عندها المسافر، فإن لهم في حال سفرهم قصر الصلاة والأخذ برخص السفر الأخرى. ولا أعلم في ذلك خلافا بين الفقهاء رحمهم الله تعالى:

جاء في المغني: أجمع أهل العلم على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية فيصليها ركعتين (١) .

يدل على ذلك ما يلي:

١- قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١] .


(١) المغنى لابن قدامة (٣/١٥٠) وانظر: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>