للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع التاسع

المثلة (١) بموتى الكفار

اتفق الفقهاء (٢) رحمهم الله تعالى - فيما أعلم - أنه لا يجوز التمثيل بموتى الكفار إذا لم يكن في التمثيل بهم مصلحة، أو معاملة بالمثل.

والأدلة على ذلك ما يلي:

١- عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة) (٣) .

٢- وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: أغزو باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا..) (٤) .

وجه الدلالة من الحديثين: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المثلة، والنهي يقتضي التحريم.

أما إذا كان في التمثيل بموتى العدو مصلحة للمجاهدين، أو معاملة بالمثل بأن مثلوا بموتى المسلمين فإنه يجوز التمثيل بموتاهم بما تتحقق به المصلحة وذلك عملا بقاعدة المصلحة والمفسدة (٥) .


(١) مثلة بضم الميم ومَثلة بفتحها: عقوبة، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه والاسم المثلة. انظر: لسان العرب (١١/٦١٥) مادة (مثل) وطلبة الطلبة ص ١٨٨.
(٢) المبسوط (١٠/٥) وبدائع الصنائع (٦/٩٦) وفتح القدير (٥/٢٠١) وحاشية الخرشي ... (٤/٢٠) ومواهب الجليل (٤/٥٤٨) والأم (٤/٢٤٥) والحاوي الكبير (١٤/١٧٥) والمغني (١٣/١٩٩) وكشاف القناع (١/٣٨٠) .
(٣) صحيح البخاري مع الفتح كتاب المغازي، باب قصة عكل وعرينة، ح رقم (٤١٩٢) من حديث طويل وفيه قال قتادة: (بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك) أي بعد قصة العرينين كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة قال ابن حجر وهو موصول بالإسناد المذكور، انظر: فتح الباري (٧/٥٨٢) .
(٤) سبق تخريجه.
(٥) والمقصود: أنه إذا كان ارتكاب المفسدة يحقق مصلحة راجحة على المفسدة جاز ذلك فالتمثيل بالعدو مفسدة، لكن إذا كانت المصلحة التي تحصل للمسلمين من التمثيل بهم أعظم من مفسدة التمثيل جاز التمثيل بهم.
راجع قاعدة المصلحة والفسدة. الموافقات للشاطبي (٢/٢٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>