للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا، فإن الخلاف بين الفقهاء الذي سبق في الصلاة على شهيد المعركة يأتي هنا، وما قيل هناك من أقوال وأدلة وترجيح يأتي في هذه المسألة (١) والله أعلم.

الفرع الخامس

الصلاة على من اختلط بموتى الكفار

إذا قتل المجاهد في أرض المعركة مع الكفار فاختلط بموتاهم ولم يمكن التمييز فكيف يصلى عليه؟

سبق بيان أقوال الفقهاء في الصلاة على شهيد المعركة، وأن جمهور الفقهاء قالوا: لا يصلى عليه، وعلى هذا لا ترد هذه المسألة عند الجمهور (٢) .

أما الحنفية ومن معهم فإنهم قالوا: يصلى على شهيد المعركة، وعلى هذا فالصلاة على الشهيد إذا اختلط بموتى الكفار عندهم تكون بحسب الغلبة، فإن كان موتى المسلمين أكثر صلي عليهم جميعا، لأن الحكم للغلبة والمغلوب لا يظهر حكمه مع الغالب، وإن كانت الغلبة لموتى الكفار تركت الصلاة عليهم جميعا، لأن الصلاة على الكفار منهي عنها، ويجوز ترك الصلاة على بعض المسلمين (٣) .

وقد سبق ترجيح قول الجمهور في ترك الصلاة على شهيد المعركة وهذه المسألة تدعم ما سبق ترجيحه، لأن معرفة الأكثر موتا يصعب الوصول إليه، ثم لو علم فإن كان الكثرة للمسلمين، فإن هذا يؤدي إلى أن يصلى على الكفار وهذا منهي عنه، وإن كانت الغلبة للكفار فإن الحنفية يرجعون إلى القول بترك الصلاة على شهيد المعركة.

ثم هناك حالة التساوي بين قتلى المسلمين والكفار على فرض معرفة عددهم.

ولهذا ترك الصلاة على شهيد المعركة هو الأولى والمخرج من هذا الإشكال، والله أعلم.


(١) راجع: الصلاة على الشهيد إذا قتل في ميدان المعركة.
(٢) راجع: الصلاة على الشهيد إذا قتل في ميدان المعركة.
(٣) المبسوط: (٢/٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>