للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع

استئجار كافر لمساعدته

سبق الحديث عن الاستعانة بالمشركين في قتال العدو وخلاف الفقهاء في ذلك وأن الراجح جواز الاستعانة بهم عند الضرورة إذا أمن مكرهم (١) .

أما استئجار الكافر لخدمة المجاهد ومساعدته، فلم أجد خلافا في جواز ذلك حسب ما اطلعت عليه (٢) .

يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها (واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - رجلا (٣) من بني الديل.. هاديا خريتا (٤) .. وهو على دين قريش، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور (٥) بعد ثلاث ليلا، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا ... ) (٦) .

وجه الدلالة: أن الحديث دل على جواز استئجار المسلم الكافر على هداية الطريق إذا أمن إليه (٧) فكذلك استئجاره للخدمة والمساعدة في الغزو إذا أمن مكره.

إذا تقرر جواز استئجار الكافر لمساعدة المجاهد، فإن ذلك يكون عند الضرورة أو الحاجة الملحة، كتعذر وجود مسلم يكفي في ذلك (٨) لما في قلوب الكفار من الغل والحق على الإسلام وأهله فلا يؤمن جانبهم إذا سنحت لهم الفرصة أن يضروا بالمسلمين ويفشوا أسرارهم ويدلوا على عوراتهم. والله أعلم.


(١) راجع ما سبق.
(٢) شرح السير الكبير (٣/٢٢) وحاشية الخرشي (٤/١٨) والذخيرة (٣/٤٠٦) والحاوي الكبير (١٤/١٣٢) وشرح السنة للبغوي (١١/١٧) والمغني (١٣/١٦٣) وكشاف القناع (٢/٣٩١) وشرح منتهى الإرادات (١/٦٣٣) .
(٣) هو عبد الله بن أرقط وقيل: أريقط، وقيل: غير ذلك انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٢/٤٨٥) وفتح الباري (٧/٣٠١) .
(٤) الخريت: الماهر الذي يهتدي لأخرات المفازة، وهي طرقها الخفية ومضايقها.
انظر النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/١٩) .
(٥) ثور: جيل بمكة فيه الغار المذكور في القرآن (إذ هما في الغار) التوبة أية ٤٠. انظر: معجم البلدان (٢/١٠١) ت رقم (٢٨٥١) ومعجم ما استعجم (١/٣١٤) .
(٦) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الإجارة، باب استئجار المشركين عند الضرورة، ح رقم (٢٢٦٣) .
(٧) فتح الباري (٤/٥٥٨) .
(٨) فتح الباري (٤/٥٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>