للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذه الآية بين الله تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن الجهاد في سبيل الله فذكر منها ما هو ملازم للشخص، وهو الضعف الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ومنها ما هو عارض بسبب المرض، أو بسبب الفقر الذي لا يقدر معه على التجهيز للحرب، فليس على هؤلاء إثم إذا قعدوا عن الجهاد في سبيل الله (١) .

وبعد: فهذه الشروط إذا تحققت في المسلم كان الجهاد بالنفس في سبيل الله فرض عليه؛ سواء كان فرض كفاية أم فرض عين على ما سيأتي بيانه في المطلب الآتي إن شاء الله تعالى.

المطلب الثالث

حكم الجهاد في حقه

للجهاد في سبيل الله حالتان (٢) :

الحالة الأولى: طلب العدو في أماكنهم وابتداؤهم بالقتال.

الحالة الثانية: دفع العدو عن بلاد المسلمين.

أما الحالة الأولى، فإن حكم الجهاد فيها فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين (٣) وهذا قول عامة أهل العلم (٤) ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.


(١) تفسير ابن كثير (٢/٣٦٤) .
(٢) بدائع الصنائع (٦/٥٧) وأهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية ص ١٢٤.
(٣) ومقدار الكفاية: أن ينهض للجهاد قوم يكفون في قتالهم، إما أن يكونوا جندالهم دواوين من أجل ذلك، أو قد أعدوا أنفسهم تبرعا. انظر: المغنى (١٣/٨) والحاوي الكبير (١٤/١١٣) .
(٤) المبسوط (١٠/٣) وفتح القدير لابن الهمام (٥/١٩١) والذخيرة (٣/٣٨٥) وبداية المجتهد (١/٣٨٤) والحاوي الكبير (١٤/١١١) وتكملة المجموع (٢١/١١٠) والمغني ... (١٣/٦) ومعونة أولى النهى (٣/٥٨٢) والمحلى بالآثار لابن حزم (٥/٣٤٠) .
وحكى عن ابن عمر، والثوري وعطاء وغيرهم أن الجهاد بالنفس في سبيل الله مندوب وليس بفرض وهذا قول ضعيف لا دليل عليه ونسبة صحته إليهم ضعيفة، وإن صح عنهم فهو محمول على أنه ليس بفرض عين، ولا يمكن لأحد أن يقول: لا يجب الجهاد بالنفس في سبيل الله مع اقتضاء تركه استباحة دماء المسلمين. انظر فتح القدير (٥/١٨٩) وأحكام القرآن لابن العربي (١/١٤٦) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٣/٣٩) والذخيرة (٣/٣٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>