للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

قبول الهبة (١)

على الجهاد

سبق الحديث أن للمجاهد أخذ الجعل على الجهاد في سبيل الله إذا كان تبرعا محضا، وأنه لا خلاف في ذلك بين الفقهاء (٢) .

فكذلك الهبة تبرع محض يجوز للمجاهد أخذها سواء كانت مالا، أو سلاحا أو مركوبا ليستعين بها على الجهاد في سبيل الله، ولا تعتبر أجرة على الجهاد (٣) .

يدل على ذلك عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] .

فأخذ المجاهد للهبة معونة له على الجهاد في سبيل الله.

ولأن الهبة للمجاهد تدخل تحت فضيلة الإنفاق في سبيل الله والله تعالى يقول: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٤١] .

ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من جهز غازيا فقد غزا..» (٤) .


(١) الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض. انظر: لسان العرب (١/٨٠٣) مادة وهب. وفي الاصطلاح تمليك في الحياة بغير عوض. انظر: المغني لابن قدامة (٨/٢٧٨) .
والهبة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع. فمن الكتاب قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] .
ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) متفق عليه.

صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الهبة، باب هبة الرجل لامرأته، ح رقم (٢٥٨٩) وصحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب الهبات، باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة ح رقم (١٦٢٢) والإجماع منعقد على صحة الهبة، جاء في رحمة الأمة: اتفق الأئمة أن الهبة تصح ص ٣٥٧.
والهدية كالهبة إلا أن ما يهديه الكفار في حال الحرب للقائد أو أحد من الجيش يكون غنيمة، لا يجوز لأحد أخذه لنفسه، لأن ذلك رشوة، ويؤدي إلى إضعاف المجاهدين وتراجعهم عن العدو.
انظر المغني: (١٣/٢٠٠) والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (٢/١٨٣) .
(٢) راجع مبحث أخذ الجعل على الجهاد.
(٣) المغني (١٣/٤١) .
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>