للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تقرر أن شهيد المعركة مع الكفار يكفن في ثيابه التي قتل فيها، فهل هذا على وجه الاستحباب والأولوية، أم للوجوب، اختلف الفقهاء إلى قولين:

القول الأول: أنه يجب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها ولا تنزع عنه، وهذا قول الحنفية (١) والمالكية (٢) والصحيح عند الحنابلة (٣) واختاره الشوكاني (٤) .

واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر رسول الله بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم) (٥) .

وجه الدلالة: أنه أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يدفنوا بثيابهم والأمر عند إطلاقه يقتضي الوجوب.

ونوقش: بأن الأمر فيه محمول على الاستحباب للجمع بين الأدلة (٦) .

القول الثاني: إنه يستحب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها، ولولي الشهيد أن ينزع عنه ملابسه التي قتل فيها، ودفنه فيها أفضل وأولى، وهذا قول الشافعية (٧) ورواية عند الحنابلة اختارها ابن قدامة (٨) .

واستدلوا بما روي عن صفية (٩) رضي الله عنها (أنها أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوبين يكفن فيها حمزة رضي الله عنه فكفنه في أحدهما، وكفن في الآخر رجل آخر) (١٠) .


(١) المبسوط (٢/٥١) والبناية في شرح الهداية (٣/٣٢٠) وروءس المسائل ص (١٩٤) .
(٢) بلغه السالك (١/٢٠٤) والذخيرة (٢/٤٧٥) وحاشية الدسوقي (١/٤٢٦) .
(٣) كشاف القناع (١/٥٧٥) والإنصاف (٢/٥٠٠) والمبدع (٢/٢٣٦) .
(٤) نيل الأوطار (٤/٤٠) .
(٥) سبق تخريجه.
(٦) المغني (٣/٤٧١) .
(٧) المجموع (٥/٢٢٤) ومغنى المحتاج (٢/٣٦) وروضة الطالبين (٢/١٢٠) .
(٨) المغني (٣/٤٧١) والشرح الكبير (١/٥٤٦) والكافي في فقه الإمام أحمد (١/٢٢٨) والمبدع (٢/٢٣٦) .
(٩) هي: صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية الهاشمية عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووالدة الزبير ابن العوام، وهي شقيقة حمزة، وأمها هالة بنت وهب خالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفيت في خلافة عمر. انظر الإصابة (٨/٢١٣) ت (١١٤١١) وأسد الغابة (٦/١٧٢) ت رقم (٧٠٥٩) .
(١٠) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنائز، باب الدليل على جوازالتكفين في ثوب واحد رقم (٦٦٨٤) وقال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الأوسط وفيه عثمان الجزري ولم أجد من ترجم له، وبقية رجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد باب ما جاء في الكفن (٣/٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>