للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أجد للمالكية، والشافعية قولا في ذلك -حسب ما اطلعت عليه- من كتبهم إلا أنه يمكن تخريج قولهم على القول بجواز الفطر للحامل والمرضع ومن خشي على نفسه التلف بعطش ونحوه (١) فالمجاهد أولى من هؤلاء بجواز الفطر وهو مقيم لأن الإفطار قوة للمجاهد وللمسلمين فالمصلحة أعظم.

وقد استدل ابن قيم الجوزية رحمه الله لهذه الرواية بما ملخصه (٢) .

١- أن فطر المجاهد المقيم أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة فإنها أحق بجوازه، لأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر.

٢-أن الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] والفطر عند لقاء العدو من أسباب القوة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - فسر القوة في الآية بالرمي (٣) وهو لا يتم ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوي ويعين عليه من الفطر والغذاء.

الرواية الثانية: لا يجوز للمجاهد المقيم الفطر في نهار رمضان (٤) .

ويمكن أن يستدل لهم: بأن المجاهد في هذه الحالة ليس مسافرا ولا مريضا، والله سبحانه يقول: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] فلا يجوز له الفطر في نهار رمضان، إلا إذا كان مسافرا أو مريضا.

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال: بأن إباحة الفطر ليست خاصة بالمسافر والمريض فقط، بل هناك من يفطر وهو مقيم وليس به مرض، كمن خشي تلف نفسه بالصوم أو


(١) الكافي في فقه أهل المدينة (١/٣٤٠) والمعونة (١/٤٧٥، ٤٧٩) ومواهب الجليل ... (٣/٣٠١) والحاوي الكبير (٣/٣٤٦) والمجموع (٦/٢٦٢) .
(٢) زاد المعاد (٢/٥٣، ٥٤) .
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الإمارة باب فضل الرمي والحث عليه ح رقم ... (١٩١٧) .
(٤) الإنصاف: (٣/٣٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>