للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: أن يكون الجهاد غير متعين عليه والدين مؤجلا.

اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في هذه الصورة إلى قولين:

القول الأول: لا يجوز له الخروج إلى الجهاد دون إذن الدائن، إلا أن يترك وفاء لدينه، أو يقيم كفيلا يقضي عنه، أو يوثق الدين برهن.

وبهذا قال الحنابلة على المذهب (١) وهو وجه عند الشافعية (٢) .

واستدلوا بما يلي:

١- أن عبد الله بن عمرو بن حرام (٣) رضي الله عنه خرج إلى أحد وعليه دين كثير فاستشهد (٤) وقضاه عنه ابنه بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذمه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم ينكر فعله، بل مدحه (٥) وقال: (ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه) (٦) وجه الدلالة: أن عبد الله بن حرام أقام ابنه جابرا كفيلا يقضي عنه دينه فجاز له الخروج وعليه دين.

جاء في أسد الغابة: (ولما أراد يخرج إلى أحد دعا ابنه جابرا فقال: يا بني إني لا أراني إلا مقتولا في أول من يقتل.. وإن علي دينا فاقض عني ديني) (٧) .


(١) المغني (١٣/٢٧) وكشاف القناع (٢/٣٧٢) والإنصاف (٤/١٢٢) .
(٢) روضة الطالبين (١٠/٢١١) والوسيط في المذهب (٧/٩) .
(٣) هو: عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة، الأنصاري الخزرجي السلمي، شهد العقبة وبدر، واستشهد يوم أحد. انظر: الإصابة (٤/١٦٢) ت رقم (٤٨٥٦) وأسد الغابة ... (٣/٢٤٢) ت رقم (٣٠٨٤) .
(٤) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الاستقراض، وأداء الديون باب إذا قضي دون حقه، أو حلله فهو جائز، ح رقم (٢٣٩٥) ولفظه عن كعب بن مالك (أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدا وعليه دين)
(٥) المغني (١٣/٢٧) ومشارع الأشواق (١/١٠١) والمبدع (٣/٣١٥) .
(٦) صحيح البخاري مع الفتح كتاب المغازي باب من قتل من المسلمين يوم أحد، ح رقم (٤٠٧٨) ومسلم بشرح النووي، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن حرام، ح رقم (٢٤٧١) .
(٧) أسد الغابة (٣/٢٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>