للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤيد هذا ما جاء في غزوة الخندق؛ أن نعيم بن مسعود (١) رضي الله عنه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله. إني قد أسلمت فمرني بما شئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما أنت رجل واحد فخذل (٢) عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة» (٣) .

فذهب من فوره إلى بني قريظة (٤) وكان عشيرا (٥) لهم في الجاهلية فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه، فقال: يا بني قريظة، إنكم قد حاربتم محمد وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها وإلا انشمروا (٦) إلى بلادهم راجعين، وتركوكم ومحمدا فانتقم منكم قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن، قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم مضى على وجه إلى قريش، فقال لهم: تعلمون ودي لكم، ونصحي لكم، قالوا: نعم، قال: إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يمالئونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان (٧) فقال لهم مثل ذلك، فلما كان ليلة السبت من شوال بعثوا إلى اليهود إنا لسنا


(١) هو: نعيم بن مسعود بن عامر بن أشجع، يكني أبا سلمة الأشجعي، صحابي مشهور، أسلم ليالي الخندق، وهو الذي أوقع الخلف بني قريظة، وغفطان وقريش يوم الخندق، قتل في وقعة الجمل، وقيل: مات في خلافة عثمان. انظر الإصابة (٦/٣٦٣) ت رقم ... (٨٨٠٢) وأسد الغابة (٤/٥٧٢) ت رقم (٥٢٧٤) .
(٢) التخذيل: حمل الرجل على خذلان صاحبه وتثبيطه عن نصرته، وخذل عنه أصحابه أي: حملهم على خذلانه، انظر: لسان العرب (١١/٢٠٢) .
(٣) أصله في البخاري. انظر: صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة ح رقم (٣٠٣٠) .
(٤) قبيلة من قبائل اليهود نزحوا إلى جزيرة العرب، ونزلوا بأعلى المدينة على وادي مهروز، قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - مقاتلهم وسبي نسائهم وذراريهم لأنهم نقضوا العهد. انظر يثرب قبل الإسلام د/ محمد الوكيل ص ٤٤، ٤٨ وعمدة الأخبار في مدينة المختار للشيخ أحمد عبد الحميد ص ٣٧.
(٥) العشير: القريب والصديق. انظر: لسان العرب مادة (عشر) (٤/٥٧٤) .
(٦) أي: أسرعوا، يقال: انشمر الفرس إذا أسرع، انظر: لسان العرب (٤/٤٢٩) مادة (شمر) .
(٧) غطفان هم: بطن من قيس عيلان، ومنازلهم مما يلي وادي القرى، انظر: سبائك الذهب ص ٨١ ونهاية الأرب للقلقشندي ص ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>