للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا كانت هذه المرحلة، مرحلة دفاع ومعاهدات وتألف للناس، فلما قوي أمر المسلمين وكثر جمعهم وقويت نفوسهم بما شاهدوه من نصر الله في بدر وغيرها، جاءت المرحلة الحاسمة والنهائية في مراحل تشريع الجهاد بالنفس، وهي المرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة: الأمر بقتال جميع الكفار وابتداؤهم بالقتال أينما كانوا حتى يسلموا أو يعطوا الجزية (١)

عن يد وهم صاغرون (٢) ويخضعوا لحكم الإسلام، ويدخلوا في حماية المسلمين.

ويدل على هذه المرحلة الكتاب، والسنة، ويؤيد ذلك أقوال الفقهاء من الأئمة الأربعة، وغيرهم.

أولا: من الكتاب:

١- قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٥] .


(١) جاء في المصباح المنير: الجزية ما يؤخذ من أهل الذمة والجمع جزي ص ١٠٠.

وفي كشاف القناع: (مأخوذة من الجزاء وهي: مال يؤخذ منهم على وجه الصغار كل عام بدلا عن قتلهم وإقامتهم بدارنا) (٢/٤٣٤) .
وقد اتفق الفقهاء أن الجزية تقبل من أهل الكتاب دون غيرهم. واختلفوا في غيرهم فالحنفية قالوا: تؤخذ الجزية من جميع الكفار إلا مشركي العرب فلا تقبل منهم، والمالكية قالوا: تؤخذ من جميع الكفار إلا كفار قريش، وقال الشافعية، والحنابلة: تؤخذ من أهل الكتاب دون غيرهم، وقال ابن حزم: تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس، انظر في ذلك بدائع الصنائع (٦/٧٨) وتحفة الفقهاء (٣/٣٠٧) والمقدمات (١/٣٧٦) والحاوي الكبير (١٤/٢٨٤) وكشاف القناع (٢/٤٣٥) والمحلى بالآثار (٥/٤١٣) .
(٢) الصغر والصغار هو: الذل والهوان، والصاغر الرضي بالذل والضيم، انظر لسان العرب (٤/٤٥٩) مادة (صغر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>