للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ولأنه بيع مال الغنيمة بغير ولاية ولا نيابة فيجب رد المبيع ونقض البيع (١) .

إذا تقرر هذا فهل يجوز للإمام، أو نائبه التصرف في بيع الغنائم أو شيء منها قبل القسمة؟ ذهب جمهور الفقهاء (٢) إلى أن للإمام أو نائبه التصرف في بيع الغنائم أو شيء منها قبل القسمة، لأن قسمة الغنائم موكلة إلى الإمام، أو نائبه وإذا رأى أن المصلحة في بيعها وكان باجتهاد منه نفذ ما ذهب إليه باجتهاده.

إلا أنهم قالوا: لا يجوز له أن يشتري شيئا من الغنائم لنفسه لما يأتي:

١- أنه قد يحابي (٣) ولذا رد عمر - رضي الله عنه - ما اشتراه ابنه عبد الله في غزوة جلولاء (٤) وقال: (إنه يحابي) (٥) .

٢- ولأنه هو البائع أو وكيله فكأنه يشتري من نفسه أو وكيل نفسه (٦) . وذهب بن حزم، إلى أنه لا يجوز بيع الغنائم مطلقا؛ لأنه لم يأت نص بيعها، وإنما جاءت النصوص بالقسمة بينهم (٧) .

الترجيح

الذي يظهر أن الراجح قول الجمهور، لأن قسمة الغنائم مؤكلة إلى الإمام أو نائبه وقد يرى أن الغنائم إذا قسمت أعيانا تكون مشغلة للمجاهدين وتحتاج إلى رعاية ونقل، فيبيعها ويقسم بينهم الثمن، وفي هذا رفع لمشقة نقل الغنائم، وأقرب إلى العدل بين المجاهدين في القسمة. والله أعلم.


(١) المغني (١٣/١٧٢) وبدائع الصنائع (٦/١٠٠) .
(٢) بدائع الصنائع (٦/٩٧) وشرح السير الكبير (٣/١٦٨) وحاشية الخرشي (٤/٦١) والذخيرة (٣/٤٢٤) والمغني (١٣/١٣٧) ولم أجد للشافعية قول في ذلك حسب ما اطلعت عليه.
(٣) بسامح: انظر: المصباح المنير ص ١٢٠ مادة (حبا) .
(٤) معركة وقعت بين المسلمين والفرس سنة ١٦ هـ انتصر فيها المسلمون، وسميت جلولاء لأن القتلى من العدو جللوا وجه الأرض. انظر: البداية والنهاية (٧/٧٤) .
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف كتاب التاريخ، باب في القادسية وجلولاء ج (٨/١٨) .
(٦) المغني (١٣/٣٨) وشرح السير الكبير (٣/١٦٩) .
(٧) المحلى بالآثار (٥/٤٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>