للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالإجماع هنا الإجماع السكوتي (١) فإن القول بعدم إقامة الحد في أرض العدو على المجاهد حتى يرجع قد ورد عن جملة من الصحابة -رضي الله عنهم- في مواجهة آخرين منهم، فلم يظهر في سياق الأخبار خلاف أحد منهم فصار ذلك إجماعا على تأخير الحد (٢) .

٤- القياس الأولى (٣) .

ووجه ذلك: أنه إذا جاء تأخير الحدود لأمر عارض من مرض أو برد أو حر أو حمل ونحو ذلك مما فيه مصلحة للمحدود، فإن تأخير الحد عن المجاهد إلى الرجوع إلى دار الإسلام لمصلحة الإسلام، كحاجة المسلمين إلى المحدود في القتال، أو الخوف من ارتداده ولحوقه بالكفار جائز من باب أولى (٤) .

وذهب المالكية إلى أن الحدود تقام على المجاهد في دار الحرب مطلقا (٥) .

واستدلوا بأن أدلة إقامة الحدود جاءت مطلقة في كل زمان وكل مكان فتقام الحدود في دار الحرب ودار الإسلام.

قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] ..

وقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] .

وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] .


(١) هو: أن يقول بعض المجتهدين قولا في حكم حادثة مثلا، ويسكت باقي المجتهدين مع اشتهار ذلك القول وانتشاره انظر: روضة الناظر لابن قدامة (ص ٧٩) العدة في أصول الفقه لأبي يعلي (٤/١١٧٠) .
(٢) الحدود والتعزيرات عن ابن القيم ص (٥٧) .
(٣) هو: ما كانت العلة في المقيس أقوى منها في المقيس عليه، فيكون الحكم في المقيس أولى من المقيس عليه.
انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٤/٣) وإعلام الموقعين (١/١٣٣) .
(٤) إعلام الموقعين (٣/١٨) والحدود والتعزيرات عن ابن القيم ص (٥٨) .
(٥) بلغة السالك (١/٣٥٨) ومواهب الجليل (٤/٥٥١) والذخيرة (٣/٤١١) والتفريع (١/٣٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>