للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمرهم الله جل وعلا أن يشكروه على هذه النعمة, فيجازيهم بالعفو الرحمة والغفران.

وأي نعمة أعظم من أن يكون العبد في رغد من العيش ومغفرة وصفح من الرب ولذلك ختم الله الآية بقوله: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}.

ولكنهم حين أعرضوا عن طاعة الله وشكره, وكفروا هذه النعمة العظيمة بدل الله حالهم {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)} [سبأ: ١٦, ١٧].

فأرسل الله عليهم سيلا بدلت بساتينهم الجميلة وثمارهم الناضجة ومناظرهم الحسنة إلى أشجار مليئة الشوك قليلة الثمر من الأراك والسدر, ولما كان أجود هذه الأشجار المبدلة هو السدر قال جل وعلا: {وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} وهذا كله بسبب كفرهم وعدم شكرهم (١).

ولذلك جعل الله ما حل بهؤلاء القوم من النكال والعذاب, عبرة وآية لكل صبار على المصائب, شكور على النعم فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)} ... [سبأ: ١٩].

فهذه الآيات وما حوته من معانٍ وعظات تبين أهمية الشكر, وأنه سبب النجاة, وطريق للسعادة وطيب الحياة.

وليعلم العبد أنه مهما بذل من الشكر لهذه النعمة فإنه لن يؤديَ شكرها على أتم وجه وأكمله.

ومن شكر الله على هذه النعمة الثناء عليه وحمده عليها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها) (٢).


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٦/ ٥٠٨).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء, باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب, برقم (٢٧٣٤).

<<  <   >  >>