للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: ما ختم الله به هذه الآيات من نهيه عن اتباع المكذبين المشركين حيث قال: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ... [الأنعام: ١٥٠].

فنهى الله نبيه عن اتباع أهل الأهواء المكذبين الذين يزعمون أن الله حرّم عليهم ما حرموه من البحائر والسُّيَّب, والمراد بهذا النهي إنما هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون به (١).

وفي قوله: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أظهر ما مقامه الإضمار ليعم جميع أهل الأهواء المكذبين بآيات الله, فيدخل في ذلك المشركين واليهود وجميع من اتبع هواه. (٢)

فهذه الآيات تحذر المسلم من التشبه بأهل الفسق حتى لا ينقاد إلى الغواية والضلال.

• وقد جمع الله تبارك وتعالى النهي عن اتباع خطوات الشيطان والتحذير من الفسق

والنهي عن اتباع الفاسقين في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام: ١٢١].

فبين تعالى أن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه من ميتة أو مما أهل به لغير الله أو ما ذبحه أهل الأوثان فسق ومعصية (٣).

وتوعد جل شأنه من أطاع ما يوحيه الشياطين لأوليائه في النصف الثاني من الآية, وهي تشمل شياطين الجن وشياطين الإنس أهل الأهواء.

قال ابن جرير رحمه الله: (وجائز أن يكون الموحون كانوا شياطين الإنس يوحون إلى أوليائهم منهم, وجائز أن يكونوا شياطين الجن أوحوا إلى أوليائهم من الإنس, وجائز أن


(١) انظر: جامع البيان (١٢/ ٢١٣, ٢١٤).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٨/ ١٥٤).
(٣) انظر: جامع البيان (١٢/ ٧٦).

<<  <   >  >>