للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(لعن الله اليهود - ثلاثا - إن الله تعالى حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله تعالى إذا حرّم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه) (١).

فبين الحديث أن من شابه اليهود في تحليل ما حرم الله بأي نوع من أنواع الحيل فإنه يستحق اللعن والعياذ بالله. (٢)

ولذلك فقد أنكر عمر رضي الله عنه ودعا على من فعل كما فعلت اليهود, فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: (قاتل الله فلانا ألم يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم قال (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها) (٣).

الوجه الثاني: ما أخبر الله به عما سيقوله المشركون للرسول - صلى الله عليه وسلم - في احتجاجهم بالمشيئة في شركهم وتحريمهم ما أحل الله لهم في قوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨)} [الأنعام:١٤٨]

فبين الله تعالى أن تكذيبهم مشابه لتكذيب الأمم السابقة التي حل عليها العقاب والبأس وهو ما حصل مع المشركين فقد أذاقهم الله بأسه ودمر عليهم. (٤)

وهي دلالة واضحة أن من شابه فعله فعل المكذبين بإلقاء الشبه لتحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله وتكذيب المرسلين فإن الله سيذيقه بأسه وعقابه الذي لا يرد عن القوم المجرمين.


(١) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب الإجارة, باب في ثمن الخمر والميتة, برقم (٣٤٨٨) وصححه الألباني في تعليقه على السنن, وأحمد في مسنده برقم (٢٢٢١) وصححه شعيب الأرناؤوط.
(٢) انظر: عون المعبود (٩/ ٢٧٥).
(٣) رواه البخاري في كتاب الأنبياء, باب ما ذكر عن بني إسرائيل, برقم (٣٢٧٣) , ومسلم في كتاب المساقاة, باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام, برقم (١٥٨٢).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم (٣/ ٣٥٨).

<<  <   >  >>