للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى لا يظهر، وننساه حتى لا يذكر، إلا أن ربنا تبارك وتعالى ذكره بنصه وأورده بشرحه، كما ذكر كفر الكافرين به.

وكانت الحكمة في ذلك - والله أعلم - أن قضاءه قد سبق، وحكمه قد نفذ بأن الكفر والتخليط لا ينقطعان إلى يوم القيامة) (١).

وقد حذرنا الله جل شأنه في آيات أخر من مشابهة الفاسقين في بغيهم حتى ننجو من عقوبته تعالى, فقال عز وجل: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (١٤٦)} [الأنعام:١٤٦] إلى قوله: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)} [الأنعام: ١٥٠].

فما حصل لبني إسرائيل من التضييق إنما هو بسبب بغيهم وظلمهم وصدهم عن سبيل الله كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠)} [النساء: ١٦٠]. (٢).

وقد حذرت الآيات من التشبه بفعل القوم الفاسقين من عدة أوجه:

الوجه الأول: أن ذكر ما حصل لبني إسرائيل إنما هو تحذير لهذه الأمة أن يحصل منهم بغي أو ظلم فيعاقبوا كما عوقب بنو إسرائيل. (٣)

ولقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته أن يقعوا فيما وقع فيه اليهود, فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا عند الركن, قال: فرفع بصره إلى السماء فضحك فقال:


(١) أحكام القرآن, لابن العربي (٢/ ٧٥٣).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم (٣/ ٢٥٥).
(٣) انظر: نظم الدرر (٢/ ٧٣٧).

<<  <   >  >>