للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا .... } الآية [البقرة: ٢٨٢].

وقد اشتملت هذه الآية على وسائل تحقيق العدل (١) في المداينات, وهي:

أ) الكتابة وتعظيم منزلتها: وذلك في قوله تعالى: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} بأن يكتب الكاتب بين المتداينَيْنِ بالحق والإنصاف, وهذا يتضمن أمورا:

• أن يكون الكاتب عدلا في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته.

• أن يكون الكاتب عارفا بكتابة الوثائق , وما يحصل به التوثيق، لأنه لا سبيل إلى العدل إلا بذلك. (٢)

• ألا يزيد الدائن في حقه ولا ينقص منه, كما قال قتادة رحمه الله: (اتقى الله كاتب في كتابه، فلا يدعن منه حقا، ولا يزيدنَّ فيه باطلا) (٣).

ثم كرر الله الأمر بالكتابة مبينا منزلتها فقال: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} فبين الله جل وعلا هنا الحكمة من مشروعية الكتابة, قلّ الدين أو كثر, وأن من أعظم هذه الحكم أنها أقسط عند الله, أي: أعدل عند الله.

وهذا يدل على محبته لها سبحانه وتعالى لأن فيها العدل والقسط.

وكانت الكتابة بهذه المنزلة, لأنه جل وعلا أمر بها وحث عليها, وإذا كان الأمر كذلك فما أحرى العباد أن يمتثلوا تطبيقها والعمل بها. (٤)


(١) العدل في اللغة: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم وهو الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط وهو ضِدُّ الجَوْر انظر: لسان العرب (١١/ ٤٣٠) , التعريفات (ص ١٩١)
(٢) تيسير الكريم الرحمن (ص ١١٨).
(٣) جامع البيان (٦/ ٥١).
(٤) انظر: المصدر السابق (٦/ ٧٧ , ٧٨).

<<  <   >  >>