للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب) أن يكون الإملاء بالحق من المدين أو وليه, كما في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} فهذه الآية بينت أنه على المدين أن يملي بالحق فإن حصل له سبب من أسباب القصور التي ذكرها الله جل وعلا وهي:

• السفه, وذلك بجهل الصواب من الخطأ فيما يكتب.

• والضعف, وذلك إما بعجز في المدين أو عي في لسانه ونحو ذلك.

• أو عدم الاستطاعة, وذلك لغَيْبَتِه وعدم حضوره (١).

ففي هذه الحالة يتعين على ولي المدين أن يملي بالعدل, فلا يظلمه بسبب ما فيه من القصور.

وهذا المعنى هو الذي عليه جمهور المفسرين (٢) , أما الطبري رحمه الله فقد ذهب إلى أن الضمير في (وليه) يعود على صاحب الحق وهو الدائن (٣) , وعلى هذا القول فإن ذلك أدعى لتحري العدل واجتناب الظلم من صاحب الحق فلا يملي إلا بما يوجب الحق على كلا الطرفين.

وإذا تأملت في هذا الموضع والذي قبله يتبين أن فيه الأمر بالعدل للكاتب والدائن والمدين , فإذا امتثلوا العدل في أقوالهم وكتابتهم, يكون المجتمع متمثلا للعدل في المداينات.


(١) انظر: جامع البيان (٦/ ٥٨).
(٢) انظر: المحرر الوجيز (٢/ ٥٠٥) , البحر المحيط (٢/ ٥٥٧) , الجامع لأحكام القرآن (٤/ ٤٣٨) التحرير والتنوير (٣/ ١٠٤).
(٣) انظر: جامع البيان (٦/ ٥٨) , وقد استدل بأثر عن ابن عباس, ولكن ابن عطية رد هذا القول ونفى صحة رواية ابن عباس, مخرجا قول الطبري على أن يقر من عليه الحق بما أملاه صاحب الحق بعد الإملاء, مبينا أن هذا المعنى لا تشير إليه الآية.

<<  <   >  >>