للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن القيام بأداء الشهادة إنما هو قيام بشرع الله ومراده بين الناس وقد نص الله على ذلك فقال: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة: ٢٨٢] فقوله: {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} تدل على أن مراد الله إقامة الشهادة على وجهها, وكفى بهذه حكمة في صلاح المجتمع وسعادته. (١)

٢ - منع الظلم وإظهار الحق, فإذا قام الشاهد بأداء الشهادة فقد منع الظلم أن يقع بين الناس ودل على طهارة قلبه وأمانته, وخصوصا إن لم يشهد عليها غيره, فإذا كتمها دل على ما انطوى عليه قلبه من الإثم والخيانة, ولذلك نسب الله الإثم إلى القلب.

وهذا يؤكد القول بفرضية تحمل الشهادة وأدائها سواء كانت فرض عين أم فرض كفاية, فإن المجتمع قد يأثم بترك الشهادة لتسببه في وقوع الظلم والله المستعان. (٢)

فإذا تبيّن هذا علم العبد ما للقيام بالشهادة من الخيرية والفضيلة التي أخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - فعن زيد بن خالد الجهني (٣) رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا أخبركم بخير الشهداء: الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها) (٤).

ومعنى الحديث: أن خير الشهداء من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له (٥).


(١) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١٢٦).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٥٥) , التحرير والتنوير (٣/ ١٢٦).
(٣) زيد بن خالد الجهني, روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عثمان وأبي طلحة وعائشة, روى عنه: ابناه خالد وأبو حرب ومولاه أبو عمرة وأبو سلمة وآخرون. وشهد الحديبية وكان معه لواء جهينة يوم الفتح وحديثه في الصحيحين وغيرهما مات سنة ٧٨ هـ بالمدينة وله خمس وثمانون وقيل مات سنة ٦٨ هـ وقيل مات قبل ذلك في خلافة معاوية بالمدينة. (الإصابة ٢/ ٦٠٣)
(٤) رواه مسلم في صحيحه, كتاب الأقضية, باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور, برقم (١٧١٩).
(٥) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم, ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث ذم الشهادة وفيه (ويشهدون ولا يستشهدون) وهو عند البخاري ومسلم فهذا الحديث محمول على من يشهد بالزور أو من شهد وهو ليس أهلا للشهادة والله أعلم (١٢/ ١٧).

<<  <   >  >>