للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذكور فيما بينهم ملغيا في ذلك أي علة يراد منها تغيير فرض الله الذي فرضه (١) فقال: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: ١١].

ولذلك فقد جاء التعبير بلفظ (الذكر والأنثى) دون ذكر (الرجال والنساء) في هذه الآية للتنصيص على استواء الصغار والكبار من الفريقين في الميراث دون البلوغ (٢).

وهذا عدل منه جل وعلا, فلئن كان الكبار أحوج إلى المال لحملهم السلاح في نظر قوم فإن الصغار الذين لا يستطيعون التكسب والحصول على المال هم أحوج في نظر آخرين فكان العدل في ذلك هو ما حكم به أحكم الحاكمين.

• الثاني: تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث.

فإن من عدل الله تبارك وتعالى عدم التسوية بين الرجال والنساء في الميراث, وكيف يُسوَّى بمن فرّق الله بينهما وفضل بعضهما على بعض فقال: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦].

وقد بيّن الله تبارك وتعالى أن هذه القسمة أعدل قسمة وأقومها, وأن من رام غيرها فهو في ضلال كما ذكر في آخر سورة النساء.

وإذا وجد من يعترض على توريث النساء لضعفهن وعدم قيامهن بما يقوم به الرجل ووجد من يعترضون على عدم التسوية بين الرجل والمرأة فقد ردّ الله جل جلاله عليهم جميعا بقوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٣٢)} [النساء: ٣٢].

فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث! فنزلت: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (٣).


(١) انظر: جامع البيان (٧/ ٣٢) , تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٦) , روح المعاني (٤/ ٢٢٨).
(٢) انظر: روح المعاني (٤/ ٢١٧).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٨/ ٢٦١) , وابن أبي حاتم في التفسير (٤/ ١٣٢) , والترمذي في سننه, كتاب التفسير, باب سورة النساء برقم (٣٠٢٢) , والإمام أحمد في المسند برقم (٢٦٧٧٩) , والحاكم في المستدرك, كتاب التفسير, باب تفسير سورة النساء برقم (٣١٩٥) , كلهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد, قال الترمذي= ... = هذا حديث مرسل, وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان سمع مجاهد من أم سلمة, وافقه الذهبي في التصحيح بدون التعليل, وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري: وأما حكم الترمذي في روايته من طريق ابن عيينة -بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل, ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها فإنه ولد سنة ولد ٢١ هـ , وأم سلمة ماتت بعد سنة ٦٠ على اليقين, والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراوي مدلسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس.

<<  <   >  >>