للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالله تبارك وتعالى هو العدل ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.

وتتجلى مظاهر العدل لنا في هذه القسمة الربانية بما أخبر الله تعالى عن الرجال والنساء في قوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٣٤]

فإن الله تبارك وتعالى جعل الرجال أكمل من النساء, ولما كان ضعف النساء ونقصهن جبلة وطبيعة خلقهن الله عليها, فقد كلف الرجال بما لم يكلف به النساء, وجعل المرأة الضعيفة تحت نظر الرجل, ولذلك فإن الرجل مكلف بالإنفاق عليها والقيام على حوائجها دون أن يُطلَب منها ذلك, فالرجل أحوج منها للمال لما يجب عليه من النفقة وتكلف معاناة التكسب والتجارة, ولذلك كان من العدل أن يكون ميراثه ضعفي ميراث الأنثى.

ثم إن هذا المال الذي ورثاه لم يتعبا في جمعه, وليس هو حق من أحدهما أعطي للآخر, بل هو فضل من الله وتمليك منه سبحانه ملّكهما إياه تمليكا جبريا, فاقتضت حكمته سبحانه أن يضاعف للرجل لأنه مترقب النقص بالنفقة ودفع المهور, والبذل على نوائب الدهر.

بينما المرأة مترقبة للزيادة بدفع المهر والميراث لها, والنفقة عليها, وإيثار مترقب النقص دائماً على مترقب الزيادة دائماً لجبر بعض نقصه المترقب, حكمة ظاهرة واضحة لا ينكرها إلا من أعمى الله بصيرته بالكفر والمعاصي (١).

وكفى بالإشارة لهذا المقدار وما فيه من العدل بيانا لما احتوته بقية الفروض من العدل والإنصاف, وكله فضل من الله في أن يملك عباده تمليكا ملزما ما لا جهد لهم فيه.


(١) انظر: محاسن الإسلام للبخاري (ص ٣٩) ,تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٥) , روح المعاني (٤/ ٢١٧) , أضواء البيان (٢/ ٢٢٢, ٢٢٣).

<<  <   >  >>