وهذه الآية تبين أن المجتمع الذي لا يقيم حدود الله إنما هو مجتمع جاهل, وإن علموا ظاهرا من الحياة الدنيا كما قال تعالى عنهم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)} [الروم: ٧].
٢. الثناء عليهم بصفة الإيمان المستلزم للثواب, وذم المخالفين بوصفهم بالكفر المستحق للعقاب.
فحين بيّن الله تعالى أحكام الظهار, وفصّل في أمر الكفارة قال: {ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)} [المجادلة: ٤].
والتصديق بالأمر بالكفارة وإقامتها سبب لحصول الإيمان الذي وعد الله عليه بالجنة, فهذا وعد من الله وترغيب للمقيم لهذه الحدود بالجنة والنعيم.
ثم أنذر الله من أعرض عن هذه الحدود فوصفه بالكفر الذي يلزم منه العذاب الأليم في الدنيا والآخرة, فالترغيب والترهيب في الآية داعيان إلى القيام بحدود الله.
والذي يرى حال المجتمعات التي أعرضت عن تطبيق حدود الله, وما هم فيه من التفكك يعلم يقينا أنهم في عذاب, وأما المجتمع الذي يطبق حدود الله فإنه ينعم بالأمن والإيمان بما يقيمه من حدود الله وفرائضه.
٣. ذم من ينتهك حدود الله بالظلم.
كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)} [البقرة: ٢٢٩] فأخبر تعالى بعد بيان جملة من أحكام الطلاق وأحواله أن هذه حدود حدها لعباده فمن يتعداها فهو من الظالمين.
وهذا فيه إشعار بالذم والتحقير للمتعدي, كما أن فيه تهديد بالعقوبة, لأن الله أخبر أنه لا يحب الظالمين, وأن النار جزاء الظالمين عياذا بالله.
والخطاب في هذه الآية يشمل جميع المخاطبين رجالا كانوا أو نساءا, وكما أن هذا الظلم الذي وقع منهم يضر بغيرهم فهو راجع عليهم كذلك بالضرر والخسارة, ولذلك فقد أخبر الله تعالى عنهم في سورة الطلاق أن تعديهم على حدود الله ظلم للنفس قبل أن