للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا التحريم لبيان أهمية الإيمان في صلاح الأسرة واستقامتها ولذلك بين الله الحِكمة من هذا النهي فقال: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ}.

أي أن مخالطة المشركين في أعمالهم تقود إلى النار والعياذ بالله لانعدام أصل الإيمان لديهم فليس لهم دين يدينون به فيحرم عليهم الخيانة, إضافة إلى ما لديهم من العادات الرذيلة والخرافات الشركية, فقد يحصل من المخالطة التهاون في تعاليم الإسلام والمجاراة في بعض الشركيات, إضافة إلى ما يحصل من تأثر الأبناء بما يرونه ويشاهدونه من الشرك.

ولما كان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فلا عبرة باحتمال أن يترك الكافر كفره ويدخل في الإسلام.

وهذا يبين ما لاجتماع الزوجين على الإيمان من صلاح للأسرة وتنشئة أبنائها على الدين وفضائل الأخلاق, الأمر الذي يقود إلى الجنة والمغفرة بإذنه عز وجل. (١)

ولما كان هذا النهي عند إرادة النكاح فقد أمر الله من دخل في الإسلام وزوجته لا تزال على الكفر بفسخ نكاحها, وكذلك الزوجة إذا أسلمت وزوجها مازال على الكفر فلا تحل له ولا يحل لها فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)} [الممتحنة: ١٠]

فإنه لما كان صلح الحديبية كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه, فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فرد يومئذ أبا جندل (٢) إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك


(١) انظر: جامع البيان (٤/ ٣٧٠, ٣٧١) , نظم الدرر (١/ ٤٢٠) , روح المعاني (٢/ ١٢٠).
(٢) أبو جندل ابن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر العامري القرشي، واسمه العاص, كان من خيار الصحابة توفي شهيدا في طاعون عمواس بالأردن ١٨ هـ (السير ١/ ١٩٢) (أسد الغابة ٥/ ٥٤).

<<  <   >  >>