للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدة وإن كان مسلما, وجاء المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله يومئذ وهي عاتق (١) فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ..... إلى قوله ..... وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٢).

فنهى الله تبارك وتعالى عن رد المؤمنات المهاجرات إلى الكفار بعد التثبت من أن الهجرة للمدينة إنما كانت رغبة في الإسلام, وبين أن العلة في ذلك هو اختلاف الدين وأن التفريق بين المرأة وزوجها بسبب إسلامها وبقائه على الكفر فقال: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} أي: لم يحل الله مؤمنة لكافر ولا نكاح مؤمن لمشركة.

ثم أمر الله المؤمنين بفراق زوجاتهم إذا بقين على الكفر فقال: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}

ولما نزلت هذه الآية طلّق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأتين له كانتا على الشرك (٣).

فهذه الآيات تؤكد أن الكفر مانع من صلاح الأسرة, وأن الحياة الزوجية لا تؤسس على الإيمان بالله إن كان أحد الزوجين كافرا وذلك لأن الزوجين هما ركنا هذه الأسرة فكيف يكون أحد الركنين فاسدا؟

أما ما خصه الله من جواز نكاح الكتابية مع كونها كافرة, ومنع الكتابي من النكاح بالمسلملة في قوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)} [المائدة: ٥].


(١) أي: استحقت التزويج. انظر: (الفائق في غريب الحديث والأثر ١/ ٢٨٣)
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الشروط, باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة, برقم (٢٥٦٤)
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط, برقم (٢٥٨١).

<<  <   >  >>