للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يكثر نسلهم عن طريق النكاح, جعل لهم من الطيبات والأنعام ما يقتاتون به ويحفظون به هذا النسل من الهلاك.

ويبين الله تعالى حكمته وقدرته في تنويع هذا النسل وتنظيمه في قوله: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)} [الشورى: ٤٩ , ٥٠]

فمن تمام ملك الله جلت حكمته أن يهب لمن شاء من خلقه إناثا فكل ما حملت زوجته تلد أنثى, ويهب لمن شاء من خلقه ذكورا فقط.

فسوى الله بين الذكر والأنثى في كونهما هبة من الله وقدم الأنثى في الذكر لأنهن أكثر وبهن يحصل تكثير النسل, ولما ترسب في أذهان الكثير أن الأنثى شؤم على أهلها مما يجعلهم يئدونها, فبين الله تعالى أن الأنثى والذكر هبة منه جل شأنه (١).

ومن الناس من يجمع الله له بين الذكور والإناث إما مجتمعَيْن في بطن واحدة أو متفرقَين فتلد زوجته مرة ذكرا ومرة أنثى, ومنهم من يجعله جل شأنه عقيما لا ينجب.

ثم ختم الآية سبحانه وتعالى ببيان حكمته وعلمه في تنظيم التكاثر بهذه الطريقة فقال:

{إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)} فهو عليم بالأسباب والقُوى والمؤثرات التي وضعها في العوالم وبتوافق آثار بعضها وتخالف بعض، وكيف تتكون الكائنات على نحو ما قُدِّر لها من الأوضاع، وكيف تتظاهر فتأتي الآثار على نسق واحد، وتتمانع فينقص تأثير بعضها في آثاره بسبب ممانعة مؤثراتٍ أخرى، وكل ذلك من مظاهر علمه تعالى في أصل التكوين العالمي ومظاهر قدرته في الجري على وفاق علمه (٢).


(١) انظر: أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي (ص ٦٤٥).
(٢) التحرير والتنوير (٢٥/ ١٣٩).

<<  <   >  >>