للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان هذا التيسير من شرع الله وأمره فقد علّق عليه الأجر العظيم وجعل الجزاء من جنس العمل, فوعده بأن ييسر له أمره في الدنيا والآخرة, وقد أخبر بذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ... ) الحديث (١).

فلما كان الإعسار من أعظم كرب الدنيا لم يجعل جزاء الميسِّر خاصا بتيسير الحساب عليه في الآخره, بل جعله عاما في الدنيا والآخرة (٢).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه) (٣) ,ويدخل في لفظ التجاوز الإنظار والوضيعة وحسن التقاضي (٤)

وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت (٥) قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبا اليسر (٦) صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى أبي اليسر بردة ومعافري وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب, قال: أجل كان لي على فلان بن فلان الحراميّ (٧) مال فأتيت أهله فسلمت فقلت أثم هو؟


(١) أخرجه مسلم, كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار, باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (٢٦٩٩).
(٢) انظر: فيض القدير (٦/ ٢٤٣)
(٣) سبق تخريجه (ص ٥١).
(٤) فتح الباري (٤/ ٣٩١).
(٥) عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري سمع أباه وجابرا وأبا اليسر رضي الله عنهم سمع منه يحيى ابن سعيد الأنصاري ويعقوب بن مجاهد مديني , قال أبو زرعة والنسائي ثقة, وذكره ابن حبان في الثقات وقال كنيته أبو الوليد (التاريخ الكبير ٦/ ٩٤) (تهذيب التهذيب ٥/ ١٠٠)
(٦) هو كعب بن عمرو, شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة, وهو آخر من توفى من أهل بدر رضى الله عنهم توفى بالمدينة سنة خمس وخمسين (انظر: شرح النووي على مسلم ١٨/ ١٣٣).
(٧) الضمامة: هي اللفافة من الكتب, والمعافري: ثياب تعمل بقرية يقال لها معافر, والسفعة: العلامة وقوله: فلان الحراميّ: نسبة إلى بني حرام (انظر: المصدر السابق ١٨/ ١٣٤).

<<  <   >  >>