للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر تعالى في بداية هذه الآيات أنه رقيب مطلع على أحوال العباد حال تصرفهم في أموال اليتامى إذ لا حامل على العدل في الأيتام إلا المراقبة، لأنه لا ناصر لهم، وقد يكونون من ذوي الأرحام. (١)

فقد يتحايل الولي و يأخذ المال الجيد من مال اليتيم ويقوم بإعطائه المال الرديء بحجة الاستبدال, وقد يجمع مال اليتيم إلى ماله دون حاجة لذلك, ولم يعلم أن الله مطلع عليه عالم بنواياه ولذلك فقد أشار الله إلى اطلاعه وعلمه فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)} (٢) [البقرة: ٢٢٠].

وقد يتصرف الولي في مال اليتيم فينفق منه كيف شاء ويضعه في غير موضعه متعللا بإنفاقه على اليتيم قبل بلوغه, إذ لو بلغ اليتيم الحلم لما استطاع أن يتنعم الولي بالمال فنهى جل وعلا عن هذا التصرف, فقال: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} وأمر الغني بالتعفف، وأوصى الفقير أن يأخذ ما يكفيه بالمعروف فقال: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] وقد اختلف العلماء في قوله: (فليأكل بالمعروف) هل هو على سبيل القرض ويقضي إذا أيسر أم لا؟

فمن العلماء من قال أنه على سبيل القرض (٣) , فعن علي بن أبي طلحة (٤) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}.


(١) نظم الدرر (٢/ ٢٠٨)
(٢) انظر: جامع البيان (٧/ ٥٢٧) , تفسير القرآن العظيم (١/ ٥٨١)
(٣) وهو قول عبيدة السلماني ومجاهد وسعيد بن جبير, قالوا لأنه استباحه من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره, انظر: المغني (٦/ ٣٤٤).
(٤) علي بن أبي طلحة واسمه سالم بن المخارق الهاشمي يكنى أبا الحسن أصله من الجزيرة وانتقل إلى حمص روى عن ابن عباس ولم يسمع منه بينهما مجاهد, وأبي الوداك جبر بن نوف وراشد بن سعد المقرئي, وروى عنه داود بن أبي هند ومعاوية بن صالح الحضرمي وسفيان الثوري قال أحمد بن حنبل: "كان في مصر صحيفة واحدة من التفسير قد رواها علي بن أبي طلحة, من رحل من طالبي التفسير لتحصيلها لا يعد كثيرا" ونقل البخاري من تفسيره رواية معاوية بن صالح عنه عن بن عباس شيئا كثيرا في التراجم وغيرها ولكنه لا يسميه يقول قال ابن عباس أو يذكر عن ابن عباس, له عند مسلم حديث واحد في ذكر العزل قال عنه ابن حجر: صدوق مات سنة ١٤٣ هـ (تهذيب التهذيب ٧/ ٢٩٨) (طبقات المفسرين الأدنه وي ١/ ٢٤)

<<  <   >  >>