للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى (حقا) أي: ثابتا ثبوت نظر وتحصين، لا ثبوت فرض ووجوب. (١)

ومعلوم أن هذه الآية قد خرج منها الوالدان الوارثَان وبقى ذوو القرابة الذين لا يرثون فعن ابن عباس رضي الله عنهما: (كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية للأقربين, فأنزل الله آية الميراث, فبين ميراث الوالدين وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت) (٢)

قال النووي (٣) رحمه الله: (إِنْ كَانَتْ الْوَرَثَة أَغْنِيَاء اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوصِي بِالثُّلُثِ تَبَرُّعًا، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاء اُسْتُحِبَّ أَنْ يَنْقُص مِنْ الثُّلُث). (٤)

فالحاصل أن التقوى تمنع العبد من الظلم وتعينه على حراسة حقوق الضعفاء من الضياع أو التبديد. (٥)

والتقوى كذلك تقود العبد إلى الصراط السوي وامتثال ما أمر الله به وفرضه من أحكام المواريث.

ومن التقوى كذلك: تعلم هذه الفرائض وتعليمها حتى يتعلم الناس ما يجب عليهم في أموالهم بالطريقة التي شرعها الله جل وعلا.

فإذا امتثل العبد المسلم أمر ربه, سلم من الضلال والزيغ كما قال تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦]. والمعنى: يفرض لكم فرائضه، ويحدّ لكم حدوده ويوضح لكم شرائعه لئلا تضلوا عن الحق بعد البيان. (٦)


(١) {الجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٠٩).
(٢) {أخرجه الطبري بسنده في تفسيره (٣/ ٣٩٠).
(٣) هو يحيى بن شرف بن حسن بن حسين بن جمعة بن حزام الحازمي محيي الدين أبو زكريا النووي ثم الدمشقي الشافعي العلامة شيخ المذهب وكبير الفقهاء في زمانه ولد بنوى سنة ٦٣١ هـ وله تصانيف كثيرة منها: شرح مسلم ورياض الصالحين والأذكار وغير ذلك ومما لم يتممه وقد كان زاهدا عابدا ورعا وكان على جانب كبير لا يقدر عليه أحد من الفقهاء غيره, كان لا يضيع شيئا من أوقاته, وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر للملوك وغيرهم توفي سنة ٦٧٦ هـ. (البداية والنهاية ١٣/ ٢٦٨).
(٤) {شرح النووي على صحيح مسلم, (١١/ ٧٧).
(٥) {انظر: التحرير والتنوير (٤/ ٢٥٢).
(٦) {انظر: نظم الدرر (٢ - ٢١٨) , تفسير القرآن العظيم (٢/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>