قلت: هُوَ من مَدَى الْغَايَة، ومدَى الأجَل منتهاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أمدى الرجل إِذا سُقِي لَبَناً فأَكْثر.
وَقَالَ رؤبة:
مُشَبّههٌ مُتيّةٌ تَيهاؤُه
إِذا المَدَى لم يُدْرَ مَا مَيدَاؤه
قَالَ: المِيداءُ مِفْعالٌ من المَدَى، وَهُوَ الْغَايَة والقَدْر يُقَال: مَا أَدْرِي مَا مِيداءُ هَذَا الْأَمر؟ يَعْنِي قَدْرَهُ وغايَتَه، وَهُوَ بمِيداءِ أرضِ كَذَا إِذا كَانَ بِحِذَائِها يَقُول: إِذا سَار لم يَدْرِ أَمَا مَضَى أكثَرُ أمْ مَا بَقِيَ؟ قلت: قَوْله: المِيدَاءُ مِفعال فِي المَدَى غَلَط لِأَن المِيمَ أصليةٌ وَهُوَ فِيْعالٌ من المَدَى كأَنه مصدر مادى مِيدَاءً على لُغَة من يَقُول: فاعلتُ فِيْعالاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَتَب ليهود تَيْمَاء أنَّ لَهُم الذِّمةَ وَعَلَيْهِم الجِزْيَة بِلَا عَدَاءٍ، النهارُ مَدَى والليلُ سُدًى.
وَكتب خَالِد بن سعيد: المَدَى الغايةُ أَي ذَلِك لَهُم أبدا، مَا كَانَ النهارُ، والليلُ سُدًى أَي مُخَلَّى، أَرَادَ مَا تُرك اللَّيْلُ والنهارُ على حَالهمَا، وَذَلِكَ أَبَداً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والمَدِيُّ الحَوْضُ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ نَصَائِبُ، وَأنْشد غَيره قَول الرَّاعِي يذْكر مَاء وَرَدهُ:
أَثَرْتُ مَدِيَّهُ وأَثَرْتُ عَنهُ
سَوَاكِنَ قَدْ تَبَوَّأْنَ الحُصونَا
والْمُدْيُ مِكْيالٌ يأْخُذ جَرِيياً.
وَفِي الحَدِيث: أَن عليا أجْرى للنَّاس المُدْيَيْنِ والقِسْطَيْن، فالمُدْيانِ الجريبان، والقسطان قِسطانِ من زَيْتٍ كَانَ يُرْزُقُها الناسَ.
وَيُقَال: تَمادَى فلَان فِي غَيِّه إِذا لَحَّ فِيهِ وأَطال مَدَى غَيِّه أَي غَايَته.
أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَرْمي وإِحدى سِيَتَها مَدْيَهْ
إِن لم تصب قلباً أَصَابَت كُلية
قَالَ سَمِعت أَبَا عرْعرة الْكَلْبِيّ يَقُول: هِيَ المدية وَهِي كَبِدُ الْقوس وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
أمد: قَالَ الله جلَّ وعزّ: {الْحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الَاْمَدُ فَقَسَتْ} (الْحَدِيد: ١٦) قَالَ شَمِر: الأمَدُ مُنْتَهى الْأَجَل، قَالَ: وللإنسان أمَدَان أَحدهمَا ابتداءُ خَلْقِه الَّذِي يظْهر عِنْدَ مولده وإياه عَنَى الحجاجُ حِين سَأَل الحسنَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَمَدكَ؟ فَقَالَ: سنتَانِ من خلَافَة عَمر، أَرَادَ أَنه وُلِد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خِلافة عمر، والأمَدُ الثَّانِي الموتَ، قَالَ: وأَمَدُ الخيلِ فِي الرِّهان مَدَافِعُها فِي السباق، ومنتهى غايتها الَّتِي تستبق إِلَيْهِ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة: