للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوى إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فَرَمَلَ ثلاثا، ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (١)، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: "ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" كان يقرأ في الركعتين: قل هو الله أحد، وقيل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٢) أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فَرَقِىَ عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحّد الله وكبّره وقال: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: "لو أني استقبلت من أمرى ما استدبرت لم اسُقِ الهَدْىَ وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة" فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فَشَبَّكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلت العمرة في الحج" مرتين "لا بل لأِبَد أبَدٍ".

وقدم عليُّ من "اليمن بِبُدْنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان عليّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا على فاطمة للذى صنعت، مستفتيا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكرتْ عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: "صدقت صدقت. ماذا قلت حين فَرَضْتَ الحج؟ " قال: قلت: اللهم إني أهلّ بما أهلّ به رسولك. قال: "فإن معى الهدى فلا تحل" قال: فكان جماعة الهدى الذي قدم به عليُّ من اليمن والذي أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة قال: فحلّ


(١) البقرة (١٢٥).
(٢) البقرة (١٥٨).

<<  <   >  >>