القيم ورب الأسرة. عمل تهذيبى، مطلوب منه في كل حالة:{يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكمْ نَارًا وَقُوذهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة}(١) ولكنه في هذه الحالة بالذات، يتجه اتجاها معينا لهدف معين، هو علاج أعراض النشوز قبل أن تستفحل وتستعلن.
ولكن العظة قد لا تنفع؛ لأن هناك هوى غالبا، أو انفعالا جامحا، أو استعلاء بجمال، أو بمال أو بمركز عائلى، أو بأى قيمة من القيم، تنسى الزوجة أنها شريكة في مؤسسة، وليست ندا في صراع أو مجال افتخار. هنا يجىء الإجراء الثاني .. حركة استعلاء نفسية من الرجل على كل ما تتدل به المرأة من جمال وجاذبية أو قيم أخرى، ترفع بها ذاتها عن ذاته، أو عن مكان الشريك في مؤسسة عليها قوامة. {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} , والمضجع موضع الإغراء والجاذبية التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها. فإذا استطاع الرجل أن يقهر دوافعه تجاه هذا الإغراء فقد أسقط من يد المرأة الناشز أمضى أسلحتها التي تعتز بها.
على أن هناك أدبا معينا في هذا الإجراء .. إجراء الهجر في المضاجع .. وهو ألا يكون هجرا ظاهرا في غير مكان خلوة الزوجين .. لا يكون هجرًا أمام الأطفال، يورث نفوسهم شرًا وفسادًا .. ولا هجرا أمام الغرباء يذل الزوجة، أو يستثير كرامتها فتزداد نشوزًا فالمقصود علاج النشوز لا إذلال الزوجة ولا إفساد الأطفال. وكلا الهدفين يبدو أنه مقصود من هذا الإجراء. ولكن هذه الخطوة قد لا تفلح كذلك .. فهل تترك المؤسسة تتحطم؟ إن هناك إجراء ولو أنه أعنف، ولكنه أهون وأصغر من تحطيم المؤسسة كلها بالنشوز:
{وَاضْرِبُوهنّ} , واستصحاب المعانى السابقة كلها، واستصحاب الهدف من هذه الإجراءات كلها يمنع أن يكون هذا الضرب تعذيبا للانتقام والتشفى. ويمنع أن يكون إهانة للإذلال والتحقير، ويمنع أن يكون أيضًا للقسر والإرغام على معيشة لا.