للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترضاها .. ويحدد أن يكون ضرب تأديب، مصحوب بعاطفة المؤدب المربى، كما يزاوله الأب مع أبنائه، وكما يزاوله المربى مع تلميذه.

وقد أبيحت هذه الإجراءات لمعالجة أعراض النشوز -قبل استفحالها- وأحيطت بالتحذيرات من سوء استعمالها، فور تقريرها وإباحتها، وتولى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسنته العملية في بيته مع أهله، وبتوجيهاته الكلامية، علاج الغلو هنا وهناك، وتصحيح المفهومات في أقوال كثيرة:

عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" (١).

وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"لا تضربوا إماء الله". فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ذئرن النساء على أزواجهن. فرخّص في ضربهن، فاطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساء كثير يشكون أزواجهن. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ولقد أطاف بآل بيت محمَّد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم" (٢).

وعن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول: "يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه" (٣).

وعلى آية حال فقد جعل لهذه الإجراءات حد تقف عنده، متى تحققت الغاية عند مرحلة من هذه المراحل فلا تتجاوز إلى ما وراءها: "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" فعند تحقق الغاية تقف الوسيلة مما يدل على أن الغاية -غاية الطاعة- هى المقصود، وهي طاعة الاستجابة، لا طاعة الإرغام، فهذه ليست طاعة تصلح لقيام مؤسسة الأسرة، قاعدة الجماعة.


(١) سبق ٢٩٥.
(٢) حسن صحيح: [ص. جه ١٦١٥] , د (٢١٣٢/ ١٨٣ /٦) ,جه (١٩٨٥/ ٦٣٨/١).
(٣) متفق عليه: خ (٤٩٤٢/ ٧٠٥ / ٨) , م (٢٨٥٥/ ٢٠٩١ / ٤) , ت (٣٤٠١/ ١١١ /٥).

<<  <   >  >>