للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعوائد تتغير بتغيرها، قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} ١ وقال عليه السلام: "كلي وولدك بالمعروف" ٢ وكل حكم بني على عرف أو عادة فإنه يغير بتغيرها، وفي البخاري في كتاب البيوع: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة ... إلخ وساق أدلة على ذلك.

ثم إن الشريعة عامة صالحة لكل أمة، وكل زمان، فلا بد أن تتبع أحكامها الدنيوية الأزمان والأمم، لحفظ المصالح العامة، وحفظ البيضة، وارتقاء نظام المجتمع، وإن لم نعمل بهذا، جنينا على الشريعة جناية لا تغتفر، مثلا الرقيق كان تملكه مباحا لا واجبا في صدر الإسلام حيث كان الإسلام يعامل الأمم الأجنبية بمثل عملها، أما الآن فمنعه واجب لمصلحة عامة، ولا معنى لتعصب بعض العلماء في ذلك، فليس منعه خرقا لقاعدة من قواعد الإسلام الخمس، وأين هو الرقيق الذي يجادلون فيه هو كشيء محال، وكذا أخذ العين عن زكاة الماشية والحبوب جريا على مذهب أبي حنيفة والبخاري وبعض المالكية وأدلتهم من السنة ثابت لا يهدم أصلا من أصول الدين، وقتل المسلم بالكافر المعاهد جريا على مذهب أبي حنيفة، وله أدلة كتابا وسنة، وكفى قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ٣ وقبول شهادة المعاهدين بعضهم على بعض جريا على قوله أيضا، وله دليله، بل قبول شهادة الكافر على المسلم، خليل: وقبل للتعذر غير عدول وإن مشركين، فأمثال هذه الأحكام هي جارية اليوم أحب الفقهاء أم كرهوا، فلأن نجعل لها مخرجا وتجري على نظام، وباسم الشريعة خير من تعصب لا فائدة منه سوى العزلة، وسقوط هيبة الإسلام، ونبذ أحكامه كليا. فتأملوا رحمكم الله في أحوال وقتكم، وليس في إمكانكم إدارة الفلك


١ سورة الأعراف: ١٩٩.
٢ صحيح: أخرجه البخاري "٩/ ٤٤٤، ٤٤٥"، بشرح الفتح، ومسلم "١٧١٤" من حديث عائشة قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم؟ قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
٣ سورة المائدة: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>