يكون من أهل الاجتهاد إذا لم يحفظ من الحديث هذا القدر الكثير، وهذا محمول على الاحتياط والتغليظ في الفتوى. ا. هـ. نقله في "إعلام الموقعين" لكن هذا قبل تنقيح أحاديث الأحكام التي هي أهم ما يحتاج إليه المجتهد من السنة، أما حيث أفردت مثل سنن أبي داود ومصابيح البغوي، ومشكاة ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، وأحكام عبد الحق، فقد تيسر أمر الاجتهاد جدا.
قال في "إعلام الموقعين": والأحاديث التي تدور الأحكام عليها خمسمائة حديث، وبسطها وتفاصيلها نحو أربعة آلاف حديث. ا. هـ.
وليس في سنن أبي داود إلا نحو أربعة آلاف حديث، وقد قال الغزالي وغيره: إنها كافية للمجتهد، وليس في مشكاة التبريزي إلا أقل من ستة آلاف حديث كما يأتي، ومن حصلها، حصل على آلة الاجتهاد بلا شك والحمد لله.
أما كلام الشيخ الإمام علي السبكي، فمقابل لما صدر به في "جمع الجوامع" ويمكن رده إليه، وقد أجمع من يعتد بقوله من الفقهاء على إمامة الشافعي، وكان يرجع في كثير من الأحاديث إلى ابن حنبل وابن مهدي وكذلك أبو حنيفة ما كان يعرف كثيرا من أحاديث الحجازيين، وكذا كثير من أئمة العراق كإبراهيم النخعي مع قبولهم في صف أهل الاجتهاد، واعتبار أقوالهم.
وقال الدهلوي في رسالة "عقد الجيد": قد صرح الرافعي والنووي وغيرهما ممن لا يحصى كثرة بأن المجتهد المطلق قسمان: مستقل ومنتسب ويظهر من كلامهم أن المستقل يمتاز بثلاث خصال:
إحداها: التصرف في الأصول التي عليه بناء مجتهداته.
الثانية: تتبع الآيات والآثار بمعرفة الأحكام التي سبق الجواب فيها واختيار بعض الأدلة المتعارضة على بعض، وبيان الراجح من محتملاته والتنبيه لمآخذ الأحكام من تلك الأدلة، والذي نرى والله أعلم أن ذلك ثلثا علم الشافعي.
الثالثة: الكلام في المسائل التي لم يسبق بالجواب فيها أحد من تلك الأدلة.