وصناعيا، والكل أصبح الضمان ضروريا له في الوقت الحاضر اتقاء للطوارئ الجوية والحربية وغيرها فعمل الضمان هو من قبيل الضروري لا الحاجي ولا التحسيني، ومنعه موقع الأعمال الكبرى التي بها رقي الأمة في الإفلاس والخراب، فكم من مركب تجاري غرق في الحرب العظمى، ولم يفلس صاحب المركب في الملايين التي بناه بها ولا التجار الذين ملئوه ببضائعهم لوجود الضمان، فبالضمان أصبحت ثروة البلاد في أمن من الكوارث بسبب التعاون الذي تأسست لأجله شركات الضمان، ولولا ذلك لنكست شركات وأفلست المتاجر، وحل الخراب والإفلاس بكثيرين لا سيما منذ اخترعت المواد المفرقعة المتولدة من البارود، والغاز البخاري وروح زيت النفط "الأسانص" وغيرها وكل ذلك لم يكن في الأزمان الغابرة، ورب شركة من الشركات تقوم بعمل مالي تعجز عنه دولة من الدول العظمى الغابرة لاتساع نطاق الأعمال وفسحة فناء الأموال وكل يعلم أن مبتكرات الوقت الحاضر لا نظير لها في الغابر لذلك حدثت لها معاملات جديدة، فعلى الفقهاء أن لا يجمدوا في أحكامهم على التضييق والتشديد المضيع للمصالح، والوقوف مع الألفاظ والمألوفات التي ألفها من قبلهم، بل عليهم أن يلاحظوا أوجه انطباق النصوص على حاجيات العصر الحاضر، وما تقتضيه مصلحة المجتمع الذي يعيشون فيه مهما وجدوا سبيلا لمساعدة المنصوص والمجمع عليه.
وفي أبواب المعاملات الدنيوية لا تجد النصوص إلا وفق المصالح، وضد المفاسد لمن وفق لمعرفة المصلحة الحقيقية؛ لأن الشريعة هدى ورحمة وأبدية وعامة ولا يتصور في الشريعة أن تصك في وجه الأمة باب الصناعة والتجارة والفلاحة، ولقد صار التاجر الذي لا يعمل الضمان ينبذ التجار معاملته وإدانته لعدم الثقة والأمن على ما بيده فيصبح في إفلاس لا مناص له منه، وعلى كل حال هذه معاملة لم تكن ولا كانت أسبابها في الصدر الأول ولا نعلم أنه تكلم عليها أحد من المتقدمين لكونها حدثت منذ قريب، لذلك لم نقف على نص عليها في القرآن بمنعها بعينها، ولا في السنة، وإذا لم يكن فيها نص صريح ولا ظاهر، فقد علم من