للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده الزرقاني في شرح الموطأ عدد ٣٣٦ ج٢ للحافظ في فتح الباري فانظره ومن ذلك خطار أبي بكر مع أبي بن خلف لما نزل قوله تعالى: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} وكان ذلك قبل تحريمه انظر الكشاف وحديثه في الترمذي١ حسن صحيح غريب بألفاظ مختلفة وما أبعده هذه الصورة من صورة الضمان بعد السماء من الأرض والفروق بينهما أظهر من أن تبين فكيف تقاس إحداهما على الأخرى.

٣- وأما من أفتى بأن صورة الضمان هي كفالة بجعل مستدلا بقول: خليل: أو فسدت بكجعل إلخ وبقول ابن القطان عن الأشراف الذي نقله الرهوني: أجمعوا أن الحمالة بجعل يأخذه الحميل لا يحل ولا يجوز. ا. هـ. فهي فتوى لا تصح، أما أولا، فما نسبه للأشراف إن كان هو كتاب الأشراف على مذهب الأشراف ليحيى بن هبيرة الحنبلي، فهو بيدي، ولم أجد فيه الإجماع المذكور، ولعله كتاب الأشراف لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري أو غيره، وأما ثانيا: فلا حجة في ذلك كله للفرق العظيم بين الصورتين، فصورتنا إنما فيها مال مكفول، وليس فيه كفالة ذمة لذمة، ولا جعل فيها أصلا لاتفاق المالكية أن الجعل لا يستحق إلا بتمام العمل، وهذا شيء تافه جدا يدفع مسبقا، ولا عمل هنا، فلا جعل، وإنما ذلك كالتبرع الاكتتابي يوضع في صندوق احتياط وتوفير كما سبق. وأما ثالثا: فإن المازري علل منع الضمان بجعل بعلل لا توجد هنا أصلا منها: أنه دائر بين أمرين ممنوعين إن أدى الغريم، كان له الجعل باطلا، وإن


١ أخرج الإمام أحمد "١/ ٢٧٦، ٣٠٣"، والترمذي "٣١٩١" من حديث حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} قال: غلبت وغلبت، قال كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنهم سيغلبون" قال: فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: أجعل بيننا وبينك أجلا، فإن ظهرنا، كان لنا كذا كذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلا خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ألا جعلتها إلى دون"، قال: أراه، قال: "العشر" قال: فذلك قوله: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} إلى قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} قال: يفرحون بنصر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>