للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، وما لم يناسب سوقه في الأصل، وشحتم به الهوامش الدرر، فبدت بها أنوار الغرر، ولربما اتكلتم على شهرة بعض الآثار في "الصحيحين" أو السنن يعلم ذلك من له إلمام بالفن، نعم ذكرتم في ترجمة عائشة الصديقة من الجزء الثاني أنها روت شطر الدين، فربما يفهم الناقدون إنه إشارة لحديث باطل "خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء"١ لكن المنصفون يعلمون أن لا درك عليكم من ذلك حيث لم ترفعوه صراحة ولا ضمنا بله أنه يلزمكم القول بمعناه. ولعمري لا تستبعد تلك المنقبة في حق الصديقة رضي الله عنها، مع ما أوتيته من سعة العلم، وغزارة المادة، بيد أنه فاتهم التنبيه على بطلان الحديث، ومقامكم العلمي الأثري يوجبه رفعا للوهم.

كذلك سقتم في ترجمة عمار بن ياسر حديث "ويح عمار تقتله الفئة الباغية" والذي في صحيح البخاري "ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" وليس


١ قال الحافظ ابن حجر في تخريج ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسنادا، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في "النهاية" لابن الأثير ذكره في مادة: حمر، ولم يذكر من خرجه، ورأيته أيضا في كتاب "الفردوس" لكن بغير لفظه، وذكره من حديث أنس بغير إسناد أيضا، ولفظه "خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء" وبيض له صاحب "مسند الفردوس" فلم يخرج له إسنادا، وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي، فلم يعرفاه، "المقاصد الحسنة" "١٩٨"، وقال الزركشي في "المعتبر" ورقه "١٩/ ١"، وذكر لي شيخنا ابن كثير عن شيخه أبي الحجاج المزي أنه كان يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي قلت: وحديث آخر أخرجه النسائي في عشرة النساء ورقة "٧٥/ ١" من حديث يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني بكر بن نصر، عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: "يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم؟ "، فقلت: نعم: فقام بالباب، وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إلى خده، قال: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسبك"، فقلت: يا رسول الله لا تعجل، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه، وهذا سند صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" "٢/ ٣٧٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>